توفيق الزكري

1414-1383هـ 1993-1963م

سيرة الشاعر:

توفيق شمسان محمد صالح الزكري.
ولد في الزكيرة، (محافظة تعز - اليمن) وتوفي في صنعاء.
اتسع عمره القصير للدراسة في إنجلترا، ثم في الأردن.
تلقى تعليمه قبل الجامعي في تعز، ثم التحق بجامعة صنعاء- كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية، وتخرج فيها عام 1986، ثم سافر إلى إنجلترا في دورة دراسية، عاد منها إلى عمّان (الأردن) للحصول على درجة الماجستير في الإدارة التربوية.
عمل مدرسًا بتعز لعام واحد، انتقل بعده إلى صنعاء بمركز الدراسات والبحوث التربوي، وبعد حصوله على الماجستير عام 1991، عاد ليواصل عمله بالمركز، ولكن المنية عاجلته.

الإنتاج الشعري:
- جمعت نصوصه الشعرية بعد وفاته، ونسقت في ديوان يحمل عنوان إحدى قصائده، وهو «شاهد الورد والغبار»، (تحت الطبع)، ونشرت له قصائد في الصحف الأردنية: الرأي، والدستور، وقصائد في الصحف اليمنية- بعد عودته إلى وطنه في صحف: 26 سبتمبر، والثورة، والثوري، ومجلة الحكمة.
ينتمي شعره إلى خصائص شعر جيله من «الثمانينيين» الذين تغلب الغنائية على تجاربهم، من خلال تقنية المفارقة، إذ تسود طوابع الإطار الحكائي السردي، والحواري، وتبدو الإشارات الرمزية من وراء الإشارات المتشحة بالغموض، والتضمينات البعيدة.

مصادر الدراسة:
- لقاء أجراه الباحث محمد عبد الوهاب الشيالي مع شقيق المترجم له - صنعاء 2003 .

الغناء في مشتل الأحزان

حين يمدُّ الأفْقُ الداكنُ أفراحَ القلبِ المجروحِ
على مائدة العشقْ
وترفُّ أساريرُ النغم الهزليِّ
على دمعي المرسوم بنار الأشواقْ
تتحوّل كلُّ مَواجيدِ الليل المصلوبة في روحي
أعمدةً خرساءْ
تتنهَّد أشجانُ الشَّبق المتسامقِ
من قبوِ الهول الرَّابض في الأعماقْ
فأسيرُ وحيداً في نبض الليلِ
أحمل أمتعتي المختومة
بنار الحبِّ
وسلطان الحزنْ
أتمدّد فوق مواويل الآهاتِ
وعبر تهاليل النظرات العمياءْ
في قافلة الهرج الليليِّ
أعود إلى أشجاني الأولى
أداعب أصواتي الناهدة الأحداقْ
وجراحي المنذورةَ للحبِّ
حتى يتساوى صوتُ الليلِ
بصوتي
وعيوني تثقبُ آفاقَ الظُّلمه
فتغنّي أشرعةُ الضوء المنسوجةِ
من نيران الشوق ْ
نغماً يتمرَّغ في الآفاقْ
ويدير شجونَ الليل إلى ظلِّي
المتموّج في أحداق الغثيانْ
يا وجهي- نارُ الحبِّ ومرسومُ الأحزانْ
يا صوتي - صافنةَ الكلماتِ على درب الشَّوكِ
يا دمي - سوطَ عذابي وحنيني الدائم للموتْ
يا كلّ جراحي - أرغفةَ الخبز المعجونة بالسمِّ
تتحوّر آفاقُ الزمنِ المسبيِّ بأوردتي-
أنغاماً جذلاً بالحزن
فأغني للحب وللنَّارْ
وأموت وحيداً مصلوباً بدمي
الممتدِّ على رقعة هذا الظلِّ المنهارْ

احتراق

قلتُ
وأطلقتُ أغنيتي للرياحْ
حينها داعبتني الأعاصيرُ
وامتلأتْ رئتي بغبار القطيعه
غطَّيتُ نصفي بطيبة قلبي
ونصفي تمرجحَ
في أمسيات الغيابْ
وانتظرتُ الذي لا يجيءْ
فاستراحت على لغة الشَّوكِ
أغنيتي
وحاورتُ كلَّ الذين رأَوها
وساومتُهم بعذابي
ولكنَّهم فرحوا
حينما عَبَرتني الرياحُ
وهدَّتْ جدارَ المساء الأخيرْ
فيا امرأةً من نبيذ انكساري
كيف أجمع فوضايَ فيكِ؟
تجيئين مثقلةً بسكون المصابيحِ
حين المواعيدُ تمتصُّ ضوئي
ويحملني هاجسي للهزيع الأخيرْ
كيف أرتّب حزني؟
جعلتكِ من خمرة الرُّوح نهراً
تنامُ الصبابات في حضنهِ
والنجوم يلاعبنَ قلبي
على سطحه المتراقصِ
ثم مضيتُ
وفي القلب أغنيةٌ من هواكِ المسافرِ
ضيَّعتُ ظلِّي، وغادرني الماءُ
لم أستطعْ حينها أن أعي أيَّ شيءْ
سوى أنني أحتسي خمر هذا الفراغِ
وأحمل في القلب زوَّادةَ الاحتراقْ

من قصيدة: تجليات امرأة الضوء

قبيلَ مجيئكِ يا بدرةَ هذا الضوء الساطعْ
كانت كلُّ قناديل الخوفِ
تُسامر أشجاني
وتعرِّي للريح شعاعَ القلبِ
المبلولِ بدمع العشَّاقْ
كنت أغور مع رايات الضَّوء الباهتِ
أمشي في درب الأحلامِ
أصير إلى شيءٍ
يشرب أنهار الحبِّ
ويطهو الجسدَ المتعبَ بالعارْ
صرتُ إليكِ الآن
في عينيكِ بريقُ العالم يسمو
يتطهَّر مني
وتمدّين إليَّ الرَّاياتِ الخُضرِ
تمدّينَ شبابَ العمرِ
وريحانَ البوحِ
فيزكو بين سراديب القلب حنانكِ
يعلن للوجع الساكن أن يرحلْ
ويراكِ على قنديل الفرحةِ
ذاهبةً فوق سحاب الأشجانِ
تعيدين لأحشاء الضوءِ
براءتها الأولى
أعرفُ أن فضاء عيونك بحرٌ
يَعْبره المحمومون بنار العشقِ
لموتٍ يُحيي نُوّارُ العشبِ
ويُخمِدُ إعصارَ النَّارْ
كيف أُوحِّد بين مواجيدِ القلبِ
تطلُّ على شاهدة القبر الدنيا
وترشُّ العطرَ على أفنان الشوقِ
وبين مواويل الهَجْسِ الصُّوفيّ
تغلّف مجدَ الرّوحِ
بأضواء الليلِ
تحيل سراب الليل الأخضرِ
وجهاً يتقمَّص طبعَ الصَّــبرِ
ونارَ الفجرِ
وريحانَ القلبْ