حكمت العتيلي

1427-1357هـ 2006-1938م

سيرة الشاعر:

حكمت بن عادل العتيلي.
ولد في بلدة عتيل (قضاء طولكرم - فلسطين)، وتوفي في لوس أنجلوس.
عاش في فلسطين والأردن والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
أتم دراسته الابتدائية في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى مدينة طولكرم لينهي دراسته الثانوية، وانتقل بعدها إلى عمان ملتحقًا بدار المعلمين لتؤهله ليصبح مدرسًا للغة العربية، وبعد تخرجه عمل معلماً في مدينة معان الأردنية ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية حيث عين معلماً للعربية في آرامكو ثم عين محرراً لمجلة "قافلة البيت" وأمضى في السعودية قرابة خمسة عشر عاماً.
هاجر إلى أمريكا (1976)، وأتم دراسته الجامعية في سان دييجو (كاليفورنيا) فحصل على درجة الماجستير في العلوم الإدارية (1978).
وفي بداية التسعينيات انتقل إلى لوس أنجلوس، وعمل في وظيفة إدارية بإحدى الدوائر الحكومية.
شارك مع مجموعة من الشعراء والكتاب والصحفيين بمدينة لوس أنجلوس في تأسيس المنتدى الثقافي العربي الأمريكي، الذي ما زال قائمًا حتى الآن، وانضم إلى
تجمّع الكتّاب والأدباء الفلسطينيين في بداية تأسيسه، وأسهم في تأسيس لقاء الأربعاء في منطقة لوس أنجلوس الذي ظل يسهم فيه سبع سنوات طويلة زاخرة بالأدب والشعر والثقافة.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «يا بحر» - دار الآداب - بيروت 1965، وقصائد نشرت في مجلة «الأفق الجديد» المقدسية منذ صدورها عام 1961، وقصائد نشرت في عدد من الدوريات العربية: أخبار الأدب، وإبداع (مصر)، جسور، والوطن الأسبوعية في لوس أنجلوس، وستة دواوين مخطوطة.

الأعمال الأخرى:
- له مقالات نشرت في مجلة الوطن الأسبوعية.
من الشعر المنثور إلى شعر التفعيلة تحوّلت تجربته الشعرية التي تبلورت في محورين أساسيين: محورٍ عام يتمثل في القضية الفلسطينية، ومحورٍ خاص يتمثل
في الغربة الإنسانية، وفي الخلفية ظهر البحر بوصفه عنصرًا له قيمته في سياق القصيدة وفي أدوات تشكيلها، من ثم جاءت قصائده تعبيرًا عن الإنسان والوجود ومعاناة الغربة والتأمل في مظاهر الحياة الإنسانية. قال عنه سعدي شاور إنه كان: «متأثرًا بشعر الحداثة الذي طغى على الحركة الشعرية العربية خلال العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي، وكان للغربة أثرها الواضح في شعره، تلك الغربة التي لم تتحقق فيها أحلامه، بل فيها ضاعت أحلامه» اتسمت قصائده بقوة الأسلوب والقدرة على انتقاء اللغة الشعرية ودقة التصوير، وكان وطنه الفلسطيني، وأمته العربية حاضرين بمعاناتهما على نأي دياره في مهجره.

مصادر الدراسة:
1 - ملف خاص عن المترجم له في موقع الوطن الإلكتروني:http://www.watan.com
2 - موقع الشاعر على شبكة الإنترنت: www.hikmatattili.com
3 - الدوريات:
- عيسى بطارسة: الشاعر الفلسطيني حكمت العتيلي: عاشق البحر.. على سرير المرض - القدس العربي - 28 من فبراير 2006.
- نظام المهداوي: ظلت نوارس شعره محلقة رغم غربته الطويلة، رحيل الشاعر الفلسطيني حكمت العتيلي - القدس العربي - 28 من فبراير 2006.

من قصيدة: أحلام محمد الدرة

كان محمّدُ
لـمّا استُشهدْ،
أنضرَ،
أصغرَ
من بُرعم وردْ!
أحلى،
أطلى
من قطرة شهدْ!
وله - كانت - أحلامٌ يانعةٌ غضَّه!
مَلأى بجيادٍ من فضَّه،
ومراكبَ ماسٍ، تمخرُ أمواجًا نورانيّه!
ورفوفِ نوارسَ سحريّه
آتيةٍ من جُزرٍ ذاتِ شواطئَ من مرجانٍ ولآلي!
لا يسكنها غيرُ الأطفالِ!
جزرٍ مفعمةٍ ببراءتهمْ!
جَذلى بشقاوتهم!
تزخرُ بالفرح الطفليِّ،
سعادتُها بعضُ سعادتهم!
وله - كانت - فلسفةٌ واضحةٌ جدّا
وطني لا أرضى عنه الخلدا
بدلاً أبدًا، أبدا!
ودمي للقدسِ فِدى!
كان يرى
أرتالَ القصفِ الهمجيِّ،
وهي تدكُّ قرًى
غافيةً في ذعرٍ قَسْريِّ!
كان يرى أشتالَ الزنبقِ تُحرَقْ!
وعروقَ الريحان تُمزَّقْ!
وغِراسَ الزيتون الثّكلى تُغتالُ!
وقبابَ معابدِ بيت المقدس تنهالُ
فيصلِّي، يدعو كنبيٍّ أميِّ
يا ربِّ، بحقّ المصحفْ!
أرجوكَ إلهي أن تُوقفَ هذا القصفَ المجحفْ!

من قصيدة: هدير الريح

عِمتِ مساءً أيتها الروحُ!
العين سراجٌ نوّاسٌ، والقلب حزينٌ مجروحُ!
ماذا تُجدي الآهُ، وفيمَ يهدهدنا مُرُّ اللومْ
حين يكلكل ليل الشجو، ويطفئ قنديل التبانةِ
آخرَ ومضات السهر استعدادًا للنومْ؟
ماذا تجدي الدمعة في زمنٍ يرزح بالهمْ
سيدتي أيتها الروحُ
جئتك ملتاعًا عَلَّكِ تخفين عن القلب نُدوبَ اللوعه
عَلَّكِ عن عينيَّ المجهَدتين تلُمِّين بقايا الدمعه
يا أيتها الراضية المرضية ضُمِّيني بحنُوِّ الشطِّ على بِطريقٍ مجروحِ
فُكِّي كلَّ قيود اللوعة عن معصميَ المقروحِ
مُدّي لي سُلَّمَ أقواسٍ قُزحيّه
زِيني بالبُشْرى معراجي نحو أواوينٍ قدسيّه،
بي توقٌ للملكوت الأعلى لا يعدله توقُ
ويعشِّش في أصقاع فؤادي للحرية شوقٌ يغمره الشوقُ!
ضقت بآلامي فالقلب عليلٌ والموطن مأسورُ
وجناحي منتوف، نزّافٌ، مكسورُ
رحماك ملاذي سيدتي الروح وعمتِ مساءَ
ورفلت بقفطانٍ يتلألأ ويشعّ ضياءَ
قولي لي هل قرُبت لحظتُنا، هل صدق الوعدُ،
وهل أزِفَ المكتوب، وهل جاءَ!

لؤلؤة الكلام

- رحلَتْ «فَدْوى»!
ورقاءُ فلسطينَ الأشجى تَحنانًا، والأعذبُ نجوى!
عذراءُ الشِّعر العربيِّ وآيتُه الفياضةُ بالتقوى!
أسلمتِ الرّوحَ لبارئها، وانقادت للحق بنفسٍ رضوى،
لم تطلبْ تصريحًا من محتلٍّ، لم تتوَّخَ لرحلتها الأبديةِ فتوى!
أطبقتِ الجَفْنين، وأسلمتِ الروحَ لبارئها، ومضتْ فدوى!
- «جبلُ النّارِ» نعاها مكسورَ القلب، ينوء ببلواه
ولا
من يدفعُ عنه البلوى!
«عيبالُ» يُواسي «جرزيمًا» بمصاب فلسطينَ ويضرعُ بالشكوى!
لم ترحلْ لؤلؤةُ القولِ؟ وكيف ينوسُ الوهجُ الأقوى؟
بعدكِ فدوى
من للشهداء يضيء شموعَ الذِّكرى؟
ويوزِّعُ في أعراسِ شهادتِهمْ أصنافَ الحلوى؟
بعدكِ فدوى
من للأشبالِ يعلِّمُهم أن الأرضَ هي الجوهر وهي الأصلُ،
هي القيمةُ وهي الجدوى؟
وهي المنزلُ وهي المأوى؟
بعدكِ فدوى
مَن مِن نورِ العينيْنِ يُحيك لأرضِ الأحرارِ جِداريَّةَ حبٍّ
ترويها أجيالُ المستقبلِ فيما يُروى؟
من لعيون أيامي القدس، يكحلّها بالأمل الصافي، فتقرّ، وتطفح صفوا؟
وتموتين! لماذا
وفلسطين تئنّ أنينا،
وعواصم أمتنا تلهو لهوا؟
وتموتين ألا لا كان الموت يفرّقنا،
يثقلنا شجنا،
يشجينا شجوا!
يا قمرًا نَوَّرَ سود ليالينا!
يا عطرًا ضاع بشرفات مساكننا!
يا صوتَ كرامتنا!
يا رعدَ إرادتنا إذ بالغضب الساطع دوّى!
ما متِّ
وما صدق الناعي!
بل خالدةٌ أنتِ
خلودَ الأرض الظمأى للحرية يا «فدوى»!
جعل الله لك الجنّةَ مثوى!