خالد بشار

1393-1357هـ 1973-1938م

سيرة الشاعر:

خالد بن شفيق بشار.
ولد في مدينة دير الزور (شرقي سورية)، وتوفي قبل أن يكتهل في دمشق، ودفن في دير الزور.
عاش في سورية.
تلقى تعليمه في مدينة دير الزور، وحصل على الثانوية العامة من ثانوية الفرات، والتحق بكلية الهندسة جامعة دمشق (1959) ولم يكمل دراسته فيها فانتقل إلى قسم اللغة العربية بكلية الآداب مدفوعًا بعشق الأدب ومستزيدًا من مكتبة أسرة آل العاني.
عمل بالصحافة محررًا بالصفحة الثقافية لجريدة الثورة (نهاية الستينيات من القرن العشرين)، إلى جانب عمله بالتدريس بمدرسة دار الحكمة الإعدادية الخاصة (دير الزور)، تفرغ بعدها للعمل الصحفي حيث تولى القسم الأدبي لجريدة العروبة الحمصية، والتحق بالخدمة العسكرية (1973) حيث استشهد في حرب أكتوبر من العام نفسه.
أسس مع عدد من الأدباء والفنانين دار الفنون في دير الزور (1967 - 1970)، كما أسسوا مسرحًا محليًا كان له نشاط مسرحي بارز.

الإنتاج الشعري:
- له عدد غير قليل من القصائد نشرت في جريدة العروبة (الحمصية)، وصحيفة «الثورة» (الدمشقية).
شاعر قومي متمرد عانى الانفصال في دولة الوحدة، والنكسة، وشارك مقاتلاً بالسلاح في حرب تشرين (أكتوبر)، غلب على شعره استلهام التاريخ العربي وشخوصه، غلب على بعض قصائده اعتماد الرموز، وعلى بعضها المباشرة، يرى عبدالكريم الناعم أنه «كان واحدًا من طليعة الشعراء الذين حملوا قضيتهم بصدق وإخلاص كبيرين، ولذا فكثيرًا ما يحمل شعره أعباء الرمز، ويتحدث مباشرة، فيسمي الأشياء بأسمائها غير معتمد على معادلها الرمزي الخاص». كتب قصائده على نسق التفعيلة، لغته جهيرة وصوره ذات جذور تراثية.

مصادر الدراسة:
1 - عبدالصمد حيزة: رواد الفكر بوادي الفرات الأوسط في القرن العشرين - مطبعة اليازجي - دمشق 1998.
2 - سيرة موسعة خطية عن المترجم كتبها بشير العاني - دمشق 2003.
3 - الدوريات:
- بشير العاني: دير الزور، السيرة الشعرية الأخيرة، طلائع الحداثة (قصيدة التفعيلة) - الثورة - العدد 308/ 14 أبريل 2002.
- عبدالكريم الناعم: قراءة في عشر قصائد لخالد بشار - الموقف الأدبي - اتحاد الكتاب العرب - دمشق - العدد 12 - السنة الثالثة - أبريل 1974.

عودة شهيد

ثم شيَّعْناه في أسفٍ لأهلهْ
وبكيناه طويلاً
حين أسكنّاه أصلَ الأرضِ
مقبرةَ البطولهْ
ثم قالوا مات في عهد الصِّبا
اسألوا عنه الفيافي والرُّبا
اسألوا التلَّ الأشمَّ هناك
قربَ الناصرهْ
والربوعَ الخضرَ والسهلَ الظليلا
عن بطولاتِ الرجولهْ
والأسود الثائرهْ
وبكوهُ!
جسدًا من غير روحْ
أزرقَ الشُّريانِ مخضوبَ الجروحْ
ثم جاءت أختُه السمراءُ تبكي
فصِباها
عرضةٌ للعارِ كمْ ضاقت صباها
ويداها
أبدًا في مضرب الخيمةِ، في الليلِ
الطويلْ
دائمًا تنتظرُ الفجرَ على سفح البحيرهْ
طبريا!
دائمًا تبكي لمعركة البطولهْ
ثم جاء
جسدًا من غير روحْ
أسمرَ الوجه على كفيه رائحةُ
الحروقْ
وعلى الثَّغرِ نشيدُ المعركهْ
وعلاماتُ الرجولهْ
وبجنبيهِ رَصاصهْ
عاد من نفس الطريقْ
فوق أيدي الكوكبهْ
ثم شيّعناه في أسفٍ لأهله
وبكيناه طويلاً
وسألنا هيكلَ الشهداءِ عن معنى
الشهادهْ
رَدَّدَتْ نُخْرُ العظامْ
آنَ يا جيلَ العروبهْ
آنَ آنَ الزحفُ يا جيلَ العروبهْ

صرخة أم

ولدَت أمي طفلاً كبِرَ أَفَقْنا يومًا فوجدناه جريحًا في
البِّريَّهْ
الطفلُ تشرّدَ ضاع تسلَّق جبل الشمس الصحراويهْ
أمي تبكي وأنا أنتظرُ الأخبارْ
قالوا صرخوا ناموا قاموا حبلوا بالأحلامْ
والطفلُ انتظرَ انتظرَ وأمي أتعبَها المشوارْ
صرختْ يا ولدي وتهاوتْ تحت الأقدامْ
والعالمُ يضحكُ والدولابُ يدورْ
ونحن نجدِّد كل نهارٍ ألفَ شعارْ

من قصيدة: رسالةٌ إلى قَطَرِيّ بن الفُجاءة

من يحملُ عنِّي رأسي
يحمل وَطْءَ الأقدام الجرباءِ العارْ
يحملُ عفنَ الأحمال الرطبةِ
يسحبُني من وهج الموتِ ويغمسُني شبحًا منهارا
يا «قَطَريُّ» الليلةُ باردةٌ، وعيونُ الحراس تنوسْ
والحَجّاج على السدَّةِ مرتعشًا مختالاً كالطاووس
يعجنُ تمرَ الكوفة ينزعُ عنه الأقنعةَ المرتبطهْ
وسهامُ الفارسِ صلبانٌ يشنقُ فوقَ هياكِلها الأحرارْ

من قصيدة: العبور إلى الضفة الأخرى

يصفعُني وجهُكَ يا نهرَ الغبطة
تنقلني رعشاتُ الصفوِ فأطفو في كفِّ ملائكةِ النومِ كتابًا مطويّا
تدفعني الريحُ أغوصُ تصيرُ السُّرَّةُ منتصفَ الميزان
أعبُّ الكفَّ الراجحةَ تصير اللعبةُ تستهويني
يحملُني وجهُكَ يصبحُ لي المدُّ حصانًا خشبيًا
يتنامَى عشبُ الضفّةِ من بدء القاعِ
يلفُّ غدائرَه الملساءَ يطوِّقُني
أتقهقرُ تحت غطاءِ الليلِ اللألاءْ
يأتي الصيادون حُبالى بالقهرِ
يصيدونَ التعبَ ويقتاتون بليلِ العيدِ رغيفًا جمريّا
تقذفُنا الموجةُ نستلقي تحت عيونِ الشمسِ
منائرَ شوقٍ رمداءْ
نبحرُ والريحُ عصائبُ موتٍ
نرسو
نتقلّب موجًا مسبيّا
يصفعُني وجهُكَ فوق الوجنات الشوهاءْ

مسيلمة الكذاب

وطني
رجلٌ بالبابْ
جاء إلينا من بطن التاريخ وفي معصمهِ وشم هزيمهْ
يحمل خبز السمِّ، يبيع شعارات الأذنابْ
رجلٌ بالباب يسمّى في القرن العشرين مسيلمة الكذاب
جاء يدسُّ السمَّ بخبز قوافلنا
في حبة مطر تهديها غيمهْ
وطني
صنم الاستعمار يلعب بالنار