سعيد العويناتي

1397-1370هـ 1976-1950م

سيرة الشاعر:

سعيد بن جعفر عبدالله العويناتي.
ولد في «البلاد القديم» (البحرين)، وبعد ومضات أرسلها نجمه في سماء البحرين، لم تطل، ثوى في ترابها.
تلقى تعليمه في المدارس الحكومية في البحرين حتى نهاية المرحلة الثانوية، ثم أكمل تعليمه الجامعي في العراق في تخصص علم الاجتماع.
اشتغل محررًا أدبيًا في مجلة «المواقف» البحرينية، وكان ينشر مقالاته ومتابعاته الصحفية في الدوريات المحلية.
كان عضوًا بأسرة الأدباء والكتاب بالبحرين.

الإنتاج الشعري:
- صدر له: ديوان «إليك أيها الوطن، إليك أيتها الحبيبة» - (ط1) - دار الغد - البحرين 1976، ونشرت له مجلة «الأقلام» - الأدبية العراقية ثلاث قصائد في عددها الخاص بأدب البحرين - 1980، ونشر في المجلتين البحرينيتين: «صدى الأسبوع»، و«الأضواء» خمس قصائد: أغنية إلى لوركا - الشهيد اميلكار كابرال (في صدى الأسبوع) - في أرض العشق يزداد جنوني - عاشق في ظل التداخلات الحزينة - السقوط في وحشة الماضي حزنًا - في (الأضواء) عام 1973 - ونشر قصيدة «بطاقة» في (البحرين اليوم) - 23/9/1974.
كتب قصيدة التفعيلة المتحررة من البحر الشعري ووحدة القافية، وبهذا يعد من شعراء التجديد في البحرين، فضلاً عن التزامه بالتعبير عن معاناة البسطاء من الفلاحين والعمال. تدور معانيه وصوره حول قسوة الواقع ومظالمه، واستدعاء الذكريات المؤلمة وما تثير من الصور التجريدية وخيالات أحلام اليقظة. في قصائده نزوع إلى التمرد والتحريض عبر طرح التساؤلات والبحث عن حياة أفضل.

مصادر الدراسة:
1 - علوي الهاشمي: شعراء البحرين المعاصرون (ط1) المؤلف - البحرين 1988.
2 - الدوريات:
- طراد الكبيسي: الحركة الشعرية الجديدة في البحرين - مجلة الأقلام (العراقية) بغداد - 1980.
- ظبية خميس: كيف قرأ العويناتي قصيدة موته؟ - مجلة الأزمنة العربية - العدد 130 - سبتمبر 1981.
- مجلة «إضاءة» 77 - القاهرة - العدد الأول - يوليو 1977 - مقال جماعة إضاءة 77 - بعنوان: «الكلمة.. الشهادة».

لحظة تأمل في الذاكرة

في هدأةِ الليلِ،
كنا معًا، نحتسي قهوَة العيدِ
كنا معًا، والمرايا بلادٌ نهاجر فيها
ونصحو معًا، هذه الأرض حلمٌ، يباغتنا في المنامِ
ونصحو، لنقرأَ أحزانَنا
هل تذكّرتِ كنا نغامرُ ليلاً
ونعرى معًا في المحطاتِ؟
هل تذكّرتِ وجهي المغضَّن بالخوفِ
حين التقينا لأولِ مرّه
وكان الشتاءُ طريًا
وكان العراقُ طريًا
وكانت لقاءاتنا بعدُ لم تكتملْ؟
هل تذكّرتِ؟
هذا هو الحلمُ يا من تُباغتني
والمحطاتُ مسكونةٌ، والمرايا منافذُنا الهاجعه
والظلالُ اختبأنا
تذكّرتُكِ الآن، بحرًا
وتأتي التماعاتُ وجهكِ صوبي، أخبّئها
ليلةَ العيدِ كنا معًا
والصبايا الصغار يضاحكنني
والعيونُ تراقصُ أحلامَها المتعبهْ
هذا هو الحلمُ يأتي
ويأتي مع الخوفِ والرهبةِ القاتله
تذكّرتُكِ الآنَ
أنتِ الحبيبةُ حلمي، وزادي
وبعضٌ من الذاكره
والمرايا، مراياكِ بعضٌ من الذاكره
والمقاعدُ كنا معًا
حلبةُ الرقصِ كنا معًا
نحتسي في المقاهي
ومن حولنا النسوةُ الأجنبيّاتُ يجلسنَ
من تكونُ التي في جوارِكْ؟
ويطرق سمعي السؤالُ
وأبقى أحدّقُ في وجهها برهةً
أحدّقُ لكنني،
وتشردُ بي الذاكره
هل تعودين لي؟
هل تعودين من أرضِ صحبي
لنبقى معًا نحتسي قهوةَ العيدِ في الليلِ
حتى الصَّباحْ؟

اللقاء الأول

في الشارعِ الأرضيِّ صافحني المطرْ
واهتزّتِ النسماتُ والضحكه
وبائعةُ البخورِ، وثلة النسوه
يغازلنَ الليالي السودَ
لكنْ، يمتطينَ الخوفَ والرهبه
وثالثةٌ،
تأتي، تبيعُ الحزنَ، تمضغهُ
تقولُ تعالَ
خذْ من قلبها البسمه
ورعشتنا
وذاكَ الشارعُ الممنوعُ كالحربه
وسيّدةُ البلادِ تهزُّ لنا رِدفًا من اللحمِ
وسائسةُ الخيولِ تبيعُ زبدتَها
وهذا القلبُ، والضربات كم مرّه
نسيناهُ
وقلنا يا زمانَ الخوفِ والحبِّ المجوسيِّ
ويا لعنةَ أبي الممنوع من أحزانه الأولى
وأتعابُ السنين السودِ
والضحكاتُ والرهبه
أفيقي يا ليالينا الكئيباتِ
فهذا القلبُ قد أشقاهُ تذكارٌ مضى يمشي
يحثُّ الخطوَ ينساهُ
ولكنَّ الفؤادَ الآنَ ممنوعٌ من الضحكه
فهل تسمعُ ليالينا الكئيبات؟
ليالينا التي حطّتْ على أسماعِ هذا الجيلِ
بالرهبه؟
فأقعى خائفًا يعوي
وأحزانُ الليالي السودِ قد جاءت
وقد شرعتْ تمارسُ فعلَها المنكودَ في النفسِ
فتحزننا، وتنسينا سويعاتٌ رسمناها
وعشنا في دقائقِها
كأنا صبيةُ البحرِ
كأنا رعشةُ الأوراقِ والأعشابِ والزهرِ

من قصيدة: بطاقة

يا رفيقي
هاهنا أقبعُ عريانًا أُصلّي
هاهنا أسجدُ في محرابِ شمسِ اللهِ ملتاعا
كنافورةِ دمٍ في صدورِ الفقراءِ
هاهنا أقبعُ وحدي
مستجيرًا من عذاباتِ السنين،
وأصلّي، جاثمًا فوق قيودي الأزليّةِ
وأغنّي لإلهٍ في متاهاتِ المقابرْ
جسدي يطفحُ فيه الدمُ والعالم مملوءٌ
بنهرِ الوجعِ القابعِ في صدرِ الملايينِ
وأوراقُ الشجرْ
هاهنا يقبعُ وجهي في ملفّاتِ السلاطينِ
وأبقى هاهنا منكفئًا أرسمُ وجهَ العالمِ
المشتاقِ للقتلِ وأوراقِ الخريفْ
آهٍ أوراقَ الخريفْ،
كلماتي، وأغانيَّ، وأشعارُ البلابلْ،
مِزَقٌ من خرقةِ الصوفيّ فوقَ الرأسِ
مكتوبٌ على واجهةِ السجنِ ولحنِ الأغنياتْ
آهِ زوادة عمري يا رفيقْ
جسد الأرض يذوب الآن في الوردةِ
والشارع مملوءٌ بدم الفقراءْ
وكرابيجٌ تدوّي بيد الشرطيِّ فوق الرأسِ،
آهِ حمّى الأمسياتِ
وطني يسبح فيه الشوقُ، والعالم مصلوبٌ
وصدرُ امراتي قطعة شطرنجٍ
وتنّين كبيرٌ، يتشفّى بعذابات الصغارْ