عبدالفتاح إسماعيل

1407-1358هـ 1986-1939م

سيرة الشاعر:

عبدالفتاح إسماعيل علي.
ولد في حيفان «قرية الأشعب» التابعة للواء تعز (اليمن)، وتوفي في مدينة عدن إبان الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة يناير (1986).
عاش في اليمن - بلغاريا - روسيا.
درس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في المدرسة الأهلية بالتواهي (عدن).
عمل بمصفاة الزيت البريطانية في عدن (1957)، ثم تركها ليعمل مدرسًا (1961)، وبعدها تفرغ للعمل السياسي (1963) حيث قاد الكفاح المسلح في جنوبي اليمن ضد الاستعمار البريطاني بوصفه من مؤسسي الجبهة القومية. ثم أصبح وزيرًا للثقافة والإرشاد وشؤون الوحدة (1967) في أول حكومة تشكلت بعد استقلال الشطر الجنوبي من اليمن، ثم عُيّن عضوًا في مجلس الرئاسة (1969)، وقد انتخب رئيسًا لمجلس الشعب الأعلى (المؤقت 1970 - 1978)، ثم رئيسًا لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى (رئيس الجمهورية 1979).
انتخب رئيسًا لهيئة رئاسة المجلس اليمني للسلم والتضامن (1975)، وكان عضوًا في هيئة رئاسة مجلس السلم العالمي، وانتخب عضوًا في هيئة رئاسة منظمة التضامن الأفريقي - الآسيوي (1975).
كان من مؤسسي حركة القوميين العرب فرع اليمن (1959)، ثم الحزب الاشتراكي اليمني (1978).
أقام في موسكو خمس سنوات (1980 - 1985) عقب استقالته من أمانة الحزب الاشتراكي اليمني، وعاد عند انتخابه سكرتيرًا للجنة المركزية في الحزب نفسه.

الإنتاج الشعري:
- له ديوانان هما: «الكتابة بالسيف» - مؤسسة 14 من أكتوبر - عدن 1978، وله قصائد جمعت بعد وفاته ونشرت في ديوان «نجمة تقود البحر» - دار ابن خلدون - بيروت 1989.

الأعمال الأخرى:
- له كتابات عديدة في الثقافة العربية وتاريخ اليمن المعاصر، منها: «ثقافتنا الوطنية من القديم إلى الجديد» - مؤسسة 14 أكتوبر - عدن 1976، و«فجر الثورة» - مؤسسة 14 أكتوبر - عدن 1976، و«التراث والثقافة الوطنية» - دار ابن خلدون - بيروت 1986.
شعره تجديدي يتخذ السطر الشعري والفواصل الطباعية والمقاطع شكلاً له، لا يعتمد على الأوزان الخليلية بقدر اعتماده على الإيقاع الداخلي للجمل والتراكيب، والاهتمام بالتكثيف الصياغي والصور الجمالية، يميل إلى تقسيم القصيدة إلى مقاطع، ويغلب على شعره طابع التأمل الفلسفي، والعمق الفكري، ويعتمد الرمز مكثف الدلالة، والجمل القصيرة، وقال عبدالعزيز المقالح عن خصوصية رؤيته: «إنّه ينقلنا في تفاؤل عظيم ورؤىا يقينية إلى عالم الثورة لا لكي يبحث معها عن معادلة ما بين الموت والميلاد، وإنما لكي يضع الميلاد في مواجهة الموت، ولكي يضع السيف الملتهب في كف الثورة لتواصل مسيرتها حتى يولد العالم الجديد، القادر على مصارعة الموت والرعب، القادر على انتزاع حقوق المقهورين والفقراء».
حصل على ميدالية 17 نوفمبر من اتحاد الطلبة العالمي، ووسام «جوليو كوري» من مجلس السلم العالمي (1977)، ووسام الصداقة مع الشعوب من الاتحاد السوفيتي (1979)، ووسام ثورة 14 أكتوبر - عدن (1980)، ووسام الثورة الليبية، ووسام الصداقة من دولة ألمانيا الديمقراطية (سابقًا)، كما منحته جامعة «لومونسوف» في موسكو شهادة الدكتوراه الفخرية (1976).

مصادر الدراسة:
1 - مؤلفات المترجم له.
2 - حسن عزعزي: موضوعات في النقد الأدبي - وزارة الثقافة والسياحة - عدن 1980، دار الفارابي - بيروت.
3 - عبدالعزيز المقالح: قراءة في أدب اليمن المعاصر - دار العودة - بيروت (د. ت).
4 - فواز الطرابلسي وآخرون: بيارق السيف.. قراءات في شعر ذي يزن - دار الأمل - اليمن 1989.
5 - مجموعة كُتّاب: عبدالفتاح إسماعيل.. الخالد أبدًا - مركز البحوث الحزبية - عدن مارس 1986.
6 - مجموعة كُتّاب: قراءة في فكر عبدالفتاح إسماعيل - جمعية فتاح الثقافة - صنعاء 1993.

من قصيدة: الشك

يا مصباحَ الشكِّ الزيتيِّ،
الشكُّ لظلك الوقاد، فلتحترقِ
الظلمةُ أنت ووجهُ الآتي الناصع، لا تسألْ
وكآبة هذي الأنفس التي تتمزق في وحدتها تطفو
تخطو تتألقْ
فلتشرقْ من شعلتك المحترقة قسماتُ يقينِ الفجرِ
القادمْ
معذرةً كيف لي - آه - أن أطمئن وفي عمق صلب اليقين
مُدَى الشك
تنخر قلب اليقين ويشتعل الشك نارًا تموَّجُ في النفس
تمتد نيرانُها تستكين، وتوغل حتى الجذور
فتحترق الكفُّ والحدّ والطرف الأسفل
ويعلو بريقٌ من الزيف، ينكمش الصدق
في صمته الغضب، الوعد، بينا إلى ظله الفرح يشكو
شقاه
يفيقُ ليبدأ ثانيةً في الضياع، حزينَ الملامحِ
يبحث عن موعد الصحوِ،
يا موسمَ الأمنيات، أتهزأ حقًا بومضِ الحياةْ
وتسخرُ من نهدات الشتاتْ
وتُدمي جراح القيود
وتبصر ساعتها الحب منسحقًا بالحنين
يواجه عنقَ الشقاء
ألا فلتقاومْ
ليشرق فجرك، يفضح زيفَ الظلامْ
أجنحة الضوء وردية
لن تلين قناةُ الضياء
فلا تتردّد، تحدَّ الشكوك وقاومْ
وراءك من وهبوا للعرين الحياة فداء
تقدَّمْ، تَحدَّ الصعاب، الشكوك، المحاذير، كيما
يجلجل صوتَ الضميرْ
وعندئذ ينطقُ العقل، وماذا؟
أعيذك من نكسة الارتداد وبئس المواقفُ أن تنتمي
أو تراوح وسْط الطريقْ
وإذ ذاك تفقد كل الملامح
«إن الذين يحاولون وضع قدمٍ في اليسار وأخرى في اليمين
لا يملكون القدرة على الوقوف»
خاتمة
يا مصباح يقيني الأحمر
أَوَ تجرؤ ان تنطقَ حرفًا من جملةِ صدقٍ
حتى لو صلبوك؟
هل يجرؤ من أجل إزالة أكداس الصدأِ
المتراكمة فوق جبين الحقّ؟
فلتومضْ، ولتخترقِ الظلمةَ والأسوارْ
كيما تتعرَّى كلُّ الأشباح،
ساعتَها ينكشفُ الوجه الأعورْ
وتبين مكامنُ هذا الضعف
وعندئذ يصبح الفعل نقطة ارتكاز للوضوحْ

من قصيدة: أزال.. ولعبة الألوان

الألوانُ مرايا الشمس، الألوانُ مرايا الليل
ألوان مرايا الشمس، ما أروعَها عند الفجرْ
في رأس الفيل، في وادي الضباب، ما أصفاها
مرايا غديرٍ، ألوان مرايا الليل ما أبشعَها
خطوطٌ تتقيح في العين الجرباء
أوسمةٌ تلمع في الوجه المجدور، ما أبشعَها
حين تتوزّع بين النقطة والنقطة مسوخٌ عمياء تتعرّج
في ضفاف المستنقع
تجسر أن تجمع ما بين الشمس ببحرِ الشرق
وبين الليل يقفز الغرب، ما أبشعها
وهي على اللون الأصلي لتراب الحبِّ تجهد كي
تطفو، كي يرضخ
آهٍ كي يقبر فيها
يا تربةَ حبي، لونٌ أنتِ، رغم الألوان
وعناقك، ألوان مرايا الشمس،
يكسبك ضوؤكِ آفاقًا أرحب
ويضيف جلالاً لجمالك
لكنْ أوَتعرف من يحتضنك
ألوان مرايا الليل وهواة الألوان
تحيلك حرباء تلبسها الأجساد المتضخمة الرأس،
الأجساد المنفصلة الرأس وتدمن في تلوينك
أصفرَ أسودَ، أزرقَ أحمرَ
و
تصبغك في رأس الزاوية لونًا وفي الوسط ألوانًا
وفي القاعة لونًا آخر