مأمون ضويحي

1415-1366هـ 1994-1946م

سيرة الشاعر:

مأمون عبدالغفور حامد الضويحي.
ولد في مدينة الميادين (محافظة دير الزور)، وتوفي في دمشق.
قضى حياته في سورية.
أنهى تعليمه قبل الجامعي عام 1966 بالميادين، ثم انتقل إلى دمشق فالتحق بجامعتها ودرس بقسم اللغة الإنجليزية لعدة سنوات، غير أنه لم يحصل على إجازتها.
كان رئيس القسم الثقافي بصحيفة الثورة منذ عام 1982، ثم قسم التربية والتعليم فيها عام 1986، ثم أصبح مديرًا لمكتب الصحيفة في دير الزور عام 1988.
أوفد ممثلاً لاتحاد الصحافيين السوريين ضمن مؤتمر نيودلهي عام 1984.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان «الضفاف الأخرى» - اتحاد الكُتّاب العرب - دمشق 1988، وديوان مخطوط بعنوان: «نورا».

الأعمال الأخرى:
- له مسرحيتان: «الشجرة المتوحدة» و«سيداتي آنساتي سادتي»، ومجموعة سيناريوهات وحوارات أعدها للإذاعة: «الذاكرة الأولى - الآباء والحصرم - المستودع - سنابل الأدب - وردة الجولان - فجر الميلاد - ليلة مرعبة - مهمة خاصة»، وله كتابان: «الأنيس الجليس»، و«الضحك الأرقى في مجالس الأذكياء والحمقى».
شاعر مجدد كتب الشعر المرسل، وشعره مشمول بطابع وجداني عميق، إذ إن الحب هو القيمة الأساسية في شعره، يتسم بنزوع رومانسي وعذري، ممزوج أحاسيس الشجن ومعاناة الوحدة والوحشة، قصيدة «بانت سعاد» فيها طابع سردي، ومجمل شعره يقوم على الصور المميزة وتنوع المشاهد البصرية واللقطات التي تحتفي بتأثيرات المكان والزمان، غير أنها لا تخلو من التعبيرات المجازية التي تعكس حسن السبك وفصاحة البيان. أما «وفي وجهه سمرة وارتواء» فتجمع ثمرات الشعر العربي المحملة رمزًا بالخصب وقوة الحضور والتوق إلى الفعل.
أطلق اسمه على المركز الثقافي بمدينة الميادين تكريمًا له، وتقديرًا لدوره في العمل الثقافي.

مصادر الدراسة:
-3- رشيد رويلي: الحركة الثقافية في محافظة دير الزور، الأدباء والكتاب والباحثون الراحلون (جـ3) - قيد الطبع بموجب رقم 7470 في
16/1/2003.

وفي وجهه سمرة وارتواء

يقولون في آخر الليلِ مرَّ وما عادَ
لكنّه في صباحٍ بعيدٍ
تطاول حتى تبعثرَ
في عنفوان السماءْ
وأشرق في الغيم، جنَّةَ عَدْنٍ ملوَّنةً
بالمسا الغابر الليلكيِّ
وبعضِ الدماءْ
ويحكون أنَّ لياليه كانت، بحقٍّ
محمَّلةً بالهدايا العظيمةِ
كانت له حصَّةٌ في الهطول الشجاعِ
وكان له للبراري انتماءْ
وكان صديق «السليكِ»
وكان شقيقًا «لعروةَ»
كان المدافعَ في الحربِ،
عن حرمات النساءْ
وكان يصاحب في الفجر «قطريّ»
يَسْمر في الليل في بيت «خازمٍ» السلميِّ»
ولم يك بالشعر يكسب كالدارميّ
ولم يك بالشعرِ يعلن كالدارميّ
وكان شبيه «ابن مكدمَ»
في وجهه سمرةٌ وارتواءْ
وكان يحبُّ ويعشق مثل الجميعِ،
يغنِّي إذا ما أطلَّ عليه المساءْ
وكان محبّاً جميلاً
مليئًا بكلِّ شذى الكبرياءْ
يطالع في كلِّ يوم كتابًا
عن الحبِّ والحربِ والأصدقاءْ
وكان يفرُّ من الليل نحو نجومٍ
تسافر عبر نشيد الفضاءْ
ولم تبقَ في قلبه غيرُ تلويحةٍ للندى
فاستقر على وردةٍ من ضياءْ
تأبَّط في آخر الليلِ شرّاً
وقال هو الخيرُ
ثم اختفى في الطريقْ
وآخر ما يذكر العشبُ عنه جنونَ خُطاهُ
ويذكر في مقلتيه انشطارَ الحريقْ
وأولُ ما يذكر الوردُ عنه
اندفاعَ الخصوبةِ
عبر الرحيقْ
وآخر ما يذكرُ الضوءُ عنه تخطِّي ألوفَ الشموسِ
حدودَ البريقْ
وآخر ما يذكر الصيف منه نداءً عظيمًا
بأنّ جميع الخفايا ستظهرُ
حين ابتداء الشروقْ
وأنّ الحقيقة تكمن في سيف «عروةَ» تكوي العدوَّ،
وتُفرحُ قلب الصديقْ
ويحكونَ
جنَّ خلال الصباحْ
ومزّق كلَّ القصائدِ
ومزّق كلَّ الجرائدِ
وأحضر بعض الحديد، وراح يصبُّ رماحًا
ويصنع سيفًا
ودرعًا
ومزْودةً للرحيلْ
وكسَّر أقلامه ورمى في الهواءِ
رسائلَه الرائعةَ
ولم تعدِ الطيرُ،
تلمحُ في وجهه
بسمةً وادعهْ
سوى أنَّ سوسنةً
أخبرتنا بأنَّ على خدِّه
خوخةً يانعهْ
وأنَّ له نقمةً حدُّها مركز الأرضِ
حتى السما السابعهْ
وأن له الآن في بعض هذا
الجنونِ العظيمِ
حكايا وثرثرةً لاذعهْ
وأن الفصولَ تخبئ في ثوب حلمَها
حيث ينمو معه
ففي قلبه أغنيات
الفصول طريحة
وفي عينه للبذار سعهْ
يقولون
مرّ كما الحلمِ ثم اختفى في جنونِ المسافه
ودافع عن أرضنا في زمانِ الغزاه
وعمّر قاربنا عند شاطي النجاه
وظلَّ على دربنا بعض هذا الفضاءْ
وكان شبيه «ابن مكدمَ»
في وجهه سمرةٌ وارتواءْ

من قصيدة: بانت سعاد

حملَتْ إليَّ طلوعها المجنونَ،
أنغامُ البلادْ
من قبلُ يبدأ صوتُها،
وتجيء خطوتُها
كما مطرِ المحبةِ
سوسنِ الأيامِ
جوهرةِ الجزائر والرحيلِ
وصخرِ كلّ موانئ البحّارةِ العظماءِ
والسفن التي لم ترمق الماءَ
المسوّر باخضرار الأفقِ
إلا بالنشيد وبالودادْ
بانت «سعادْ»
وعلى المحطَّة بين نافذتينِ قاتلتينِ
عشَّش فيهما البردُ المقيتُ
تناثر الشباكُ
واحترق المدى الخاوي من اللقيا، على «البوليلِ»
أرجأَتِ المرايا عرسهنَّ
وأرسلت بعض الصبايا
في بوادي الليل أغنيةً
وزيَّن النوافذ بالورود الحرّة الأولى
ومرَّت مثلما النارُ
العذوبةُ في الرمادْ
بانت سعادْ