إدوارد حداد

1417-1365هـ 1996-1945م

سيرة الشاعر:

إدوارد زيدان عيسى حداد.
ولد بمدينة إربد، وفيها توفي.
عاش في الأردن (شمالي الاردن)، ومصر.
أنهى دراسته الابتدائية والثانوية في مسقط رأسه، والتحق بجامعة الإسكندرية، فتخرج في قسم المحاسبة ونال درجة البكالوريوس عام 1969.
تنقل في العمل المصرفي بين عمّان وإربد.
عضو رابطة الكتّاب الأردنيين.

الإنتاج الشعري:
له ثلاثة دواوين منشورة: «الأبواب الدافئة» دار العودة، بيروت 1982، «النحت في الزمن الحجري» - رابطة الكتاب - عمان 1984، «التحليق على ارتفاع منخفض» - دار ابن رشد، عمان 1985.

الأعمال الأخرى:
- له ثلاث مطولات ذات نفس ملحمي: «زمن الضيق»، «العودة»، «عند العبور كان نشيد الفرح معجزة»، وأربع مسرحيات شعرية مخطوطة.كتب القصة القصيرة، والمقالة، وكتب شهادة فيها سيرته الذاتية، لم تنشر.
ينظم شعره على نظام التفعيلة، ويميل إلى الحداثة في لغته الشعرية، ويحاول استخدام تقنياتها. عبارته متدفقة، وصادمة حين تقرن بين الأضداد، وعنصر السرد هو الذي يشكل السياق، ويحكم التشويق، بما ينطوي عليه من مفارقة. عناوين قصائده
لافتة بما تحوي من غرابة، أو بما تجتر من المألوف، وحركة الإيقاع تزاوج بين الحوار وتوافق الحالة النفسية.

مصادر الدراسة:
1 - لقاء أجراه الباحث سمير قطامي مع أسرة المترجم له - إربد 2000.
2 - محمد المشايخ: الأدب والأدباء والكتاب المعاصرون في الأردن - مطابع الدستور - عمان، الأردن 1989.

حبيبتي تعلن الحداد

في تاريخٍ ما،
تفقد كلُّ الإبل الصبر وتركض في وسط الصحراءْ
عن غضبٍ، ترفش في الرمل
ويُعلَن عن موت الراعي في زمن لاحقْ
لحظتها، قالت لي
أخلعُ ثوبَ حدادي
ثم أتزوج لا بدْ،
فالعقرُ بعيدٌ في زمنٍ تفقد فيه الإبلُ الصبرْ
فهذي معجزة الحبِّ
وهذي معجزةٌ في زمن الصحراء السبي
في زمنِ الصلب السري،
لحظتَها،
أرقص عاريةً، تشهدني حباتُ الرملِ وأنتْ،
قالت أيضاً
حُرمتْ نفسي من أمي،
ما دامت أمي تحجب وجهَ الشمسْ،
حُرمت نفسي من بعلٍ،
ما دام البعل يقوم بدور السبي لِعُرْيي،
حُرمت نفسي من طفلٍ،
ما دام الطفلُ سيسخر مني،
قالت هذا
وطواها الصمتُ الظعنُ لفتره
الخطوة تلو الخطوةِ ما زلتُ - حبيبي - أطوف بأرضي،
ما أعمقَ حزن العربيِّ بشرقي،
حرِّرْني من حزني، قالت،
ارتجفَ الصوتُ بعمقي
أغلقتُ منافذَ بيتي،
ووحيداً عاقرتُ الخمرَ الشتمَ، فصاحت
هذا الحزنُ وباء،
ها أنذا أضرب بالسوط بعنفٍ حين أشاهد أطفالَ الحاراتِ
بذعرٍ تلعب،
حين أشاهد أشواكَ برارينا تكبرْ
اسمعْ هذا، قالتْ
السارقُ ناقةَ شيخ قبيلتنا، يضحك حين كلابُ القرية تنبح
والشيخ يغطُّ بنومهْ
تدري القريةُ،
لكن ما أعمقَ حزنَ العربيّ حبيبي
تدري القريةُ،
لكنْ ما أعمقَ حزن العربيِّ حبيبي
«هذا شعبٌ ضالٌّ متفرّجْ» قالت سفنٌ ترحل من جنبِ
شواطئنا لحظتَها، عفَّرتُ الوجهَ
ونُحْتُ
هرولتُ بعيداً تحرقني الخُوَذُ المدفونة تحت الرملِ
الحارقْ،
وحين أعانق وجهَ الأرض الأسمرِ
يُغرَزُ في جسدي سيفٌ مدفونٌ من زمنٍ فيه العربيُّ يميتُ
ولا يموتُ ولا يخضع،
أنا لا أدعو للقتل حبيبي،
لكن هذا زمنٌ فيه الحسُّ تبلَّدَ حتى أصبحنا جواري
التصريحاتِ اليومية تنقلها وكالاتُ الأنباء،
صوتي، لا تنقلهُ وكالات الأنباء
الخطوةُ تلوَ الخطوة، ما زلتُ - حبيبي - أطوفُ بأرضي،
لا تتراجعُ من تعشقُ أرضاً بعلاً طفلاً
إذ لا أفضلَ من أن أدفنَ قربَ الأرضِ البعل الطفل،
من أن أحيا كي تسخرَ مني سفنٌ تعرف ماذا يعني إعلانُ
حِدادي،

من قصيدة: صابر المسكين يشقُّ الثوب!

رأيت صابراً يشقُّ ثوبه،
ولن تغيب رجفةٌ سَرَتْ في بدني
عن بدني،
رأيته،
والفجرُ في بدايةٍ عجيبةٍ ومُبهرهْ
الكلُّ أخضرٌ
ومشرقٌ بذاتهِ
والأرضُ تحت عريهِ
نديّةٌ
حنون
ركعتُ خاشعاً
ولن تغيبَ رجفةٌ سَرَتْ
في بدني
عن بدني
لو صار في الترابْ
لفترةٍ من الزمنْ
وفي الطريق - حين كنتُ يافعاً وحالماً -
لتلةٍ قريبةٍ لقريتي
إذ تكثر الحشائش الخضراء
وشجْرة البلّوط
ساندةً لساقها حجر
وحيدةً كوجه صابر
عنيفةً كوجه صابر
عنيدةً كوجه صابر
عرفتُ تحت ظلِّها الشحيح كلَّ ما أريد
عن صابر المسكين قبل أن يشقَّ
ثوبَهُ
- اعتدتُ أن أقولَ صابر المسكينْ
عن دون وعيٍ أو مهانةٍ أو قصدْ
لفترةٍ من الزمنْ
وفي الطريق كنتُ ألمح الذي يسمونه الرجال
في كل مجلسٍ
«صابر المسكين»
وكان وجهه يحتمل التفسيرَ والتفكيرْ
عيناه غابتا غضبْ
عميقتان لا قرارْ،
لكّن دفئا غائماً يغيب في العروقْ
فيفرد الحنينُ لونَه القويْ
يداه آهِ كم عشقتُ فيهما العروقْ
وتلكم الحشائشُ السوداء فوق صدره
أشواكُ موسمٍ يجيءْ