أمين شِنَّار

1426-1353هـ 2005-1934م

سيرة الشاعر:

أمين شنار عطالله.
ولد في بلدة البيرة (الضفة الغربية- فلسطين)، وتوفي في عمان.
عاش في فلسطين، والأردن.
تلقى تعليمه في بلدته إلى أن حصل على شهادة المترك الفلسطيني (1951).
عمل بتدريس اللغة العربية مدة عشر سنوات في الكلية الإبراهيمية في القدس.
أصدر مجلة الأفق الجديد (1961)، واشترك في تحرير جريدة الدستور، كما عمل كاتبًا ومحررًا في مجلة المنار المقدسية.
اختير نائبًا لرئيس بلدية البيرة قبل أن ينزح إلى عمّان (1967) وعمل في مدارس الأقصى بها (1967 - 1970)، كما عمل في التلفزيون الأردني، والكتابة الصحفية في جريدة الدستور الأردنية.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان «المشعل الخالد» - مطبعة الشرق - البيرة: فلسطين 1957، وله قصائد نشرت في كتاب «من الشعر الحديث في الأردن» - دار البيرق - عمان 1982، وأخرى نشرت في عدد من الدوريات العربية وبخاصة مجلة «الأفق الجديد» وقد جمعت في كتاب «أمين شنار الشاعر والأفق».

الأعمال الأخرى:
- له من الأعمال سما (رواية) - وزارة الثقافة والإعلام - عمان 1966، والكابوس (رواية) - دار المنار - بيروت 1968 (فازت في عام صدورها بجائزة النهار للنشر في لبنان مناصفة مع الشاعر تيسير سبول)، و(مجموعة قصصية) - دار الأسوار - عكا 1980.
نظم في الإطارين: العمودي، والتفعيلة، كان أحد رواد الحداثة الأدبية في مطلع الستينيات من القرن العشرين، تجلت في شعره نبرة غنائية ذات مذاق
خاص من العذوبة والصفاء، وظهرت فيه نزعة تأملية عميقة ذات نفس وجودي، وهو ما انعكس على أسلوبه الشعري لغة وتصويرا، لمفردات الرحلة في قصائده حضور واضح يؤكد طابع الغربة والتساؤل والرغبة في الاكتشاف.

مصادر الدراسة:
1 - إبراهيم خليل: أمين شنار الشاعر والأفق - الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب - عمان 1997.
2 - راضي صدوق: ديوان الشعر العربي في القرن العشرين - دار كرمة للنشر - روما 1994.
3 - محمد حسن المشايخ: الأدب والأدباء والكتاب المعاصرون في الأردن - مطابع الدستور - عمان 1989.
4 - محمد حلمي الريشة: معجم شعراء فلسطين - المؤسسة الفلسطينية للإرشاد القومي - رام الله 2003.
5 - الدوريات: محمد عبيد الله: العودة إلى زمن الأفق الجديد وأمين شنار - مجلة الطريق - العدد 37 - رام الله - يوليو 2005.

من قصيدة: بيت القدس

الليلُ حلمٌ مبصرٌ، في مقلة عمياءْ
قلبي شراعٌ مبحرٌ، في لجّةٍ سوداءْ
ووقعُ أقدام السكينة الكئيبْ،
يضلّ في تيه المدينة الرهيبْ
قلبي، وليلي سائحان يعبرانْ
أزقةً مسنّةً، تؤرّخ الزمانْ،
تقول، كان ههنا وكانْ
وألمح الأشباح تذرع المكانْ،
وأسمع التنفّسَ القديم في الأجواءْ
وألمس العطور، والخلودَ في مجامر المساءْ
فههنا الحياةُ لا تموت في الأشياءْ
وتلتقي على ولائم الخلود الأرض، والسماءْ
هنا المآذن الحزينة التي تسامر النجومْ
تمتدّ في وجومْ
عملاقةٌ لكنها طعينةُ الأحشاءْ
تنكّس الآذانَ في استحياءْ
يموت في المسامع الصمّاءْ
هنا رفات المجد والعلياءْ
تطلّ من مقابرٍ محفورةٍ في مهجة الضياءْ
تلوب حولها الطيور في أسًى، تصيحْ
ظمأَى أنا فأين نبعة الحياة، كي أموت، أستريحْ؟
وههنا الأسوارْ
مرفوعة الهامات في إصرارْ
مصلوبةٌ، مهزومةٌ، جريحةُ الأبوابْ
تسائل القبابْ
عن عودة الغيابْ،
تقول، في فجيعةٍ، أقامني سلطانْ
عالٍ عظيمٍ الشانْ
كي أحمل النداءَ، والضياءَ، كي أكونْ
سدّاً بوجه الليل والمنونْ
الليل حلمٌ مبصٌر، أقتات من رؤاهْ
قلبي شراعٌ مبحرٌ، لا ينتهي سراهْ
وهذه المدينة القدسيّة الرحابْ،
تحبني، تبوح لي، وحبها تنهّدٌ، وبوحها عتابْ
بنيَّ، كيف يا بنيَّ، يهجر الأحبابْ
أمّاً تهدهد الظما بدمعها المنسابْ
أمًا تجوع، تأكل الآهاتِ والأوصابْ؟؟
بنيَّ، عدت يا بنيَّ؟ يا وليدي الصغيرْ؟
أين الصحاب يا بنيَّ؟ أين موكبي الكبيرْ؟
قد أقفرت ملاعب الرجالْ
وليس في ساح العلا أبطالْ
أماه، يا أماه، يا ترنيمةَ الأجيالْ
كفى كفى لن يجدي الترداد، والتسآلْ
أماه، يا أماه، يا مدينة الأقداسْ
مدينة الحداد والمآذن الخرساء والأجراسْ
تدقّ للأبطالْ
تهيب بالرجالْ
أماه يا أماه يشرق الصباحْ
من مقلة الظلام، من أصابع الكفاحْ
ونلتقي ونلتقي في موسمٍ مباركٍ نضيرْ
هتافه تسبيحةٌ، نشيده تكبيرْ

مجامر الرماد

مسافرٌ في هدأة الصباحْ
يلوب في متاهة المطارْ
تدعّه أكفُّ وحشةٍ إلى مخالبِ
انتظارْ
كأنني هنا ولدت واحدًا
بلا رفيقْ
أمي فراغُ لحظةٍ، ومهديَ
الطريقْ
يمتد سُلَّمٌ يشيله كراحة القدرْ
ويصفر المجهول في أعماقهِ
فتعتريه نشوةُ الظفرْ
ويرمق الوجود حوله من كوّةٍ
بلهاءْ
لو في يدي، أغلقت كوَّةَ الوجودْ
لأسترد مقلتي من محاجر الوجودْ
لو في يدي، خلقت عالمًا أعيشُ
فيه، عالمي الجديدْ
تطوّف العينان في فضولْ
ألا يدٌ ترفّ بالمنديل رفّةَ الوداعْ؟
ويخفق الفؤاد في التياعْ
لأنَّ رحلتي بلا بدايةٍ ولا معادْ
أودُّ لو تطولُ رحلتي، تطولْ
منسيّة الأيام والفصولْ
لأنَّ رحلتي بغيرِ زادْ
وهبتُها المماتَ والميلادْ
وكل ما يمتلك الإنسان في دنياه
حياتُه التي تشيح عنه إذْ تلقاه
هذا أنا في صدرك الرحيبْ
هنيهةً من زمنٍ مضّيعٍ غريبْ
ولست أستردُّ ما وهبت إنْ
يَعُد بنا الربّانْ
فشاطئي أرجوحةٌ يلهو بها
الدخانْ

من قصيدة: الفارس وجدائل الظلام

جدائلُ الظلام تملأ الدروبْ
تلقي بها يدُ المساءْ
تنسلّ في انسيابةٍ رقطاءْ
من فُرجةٍ في الباب، من شقوق حائطٍ كئيبْ
تطلّ بابتسامةٍ بلهاءْ
تصبّها على الجدارْ
لزوجةً تصيد كلَّ بسمةٍ على فم النهارْ
تظلّ في بيوتنا جدائلُ الظلامْ
طويلةً، غبراءَ، في بريقها شحوبْ
ترعى جفوننا، ولا تنامْ
تمتدّ في الدهليز تزرع النعاسْ
تجوس في البيوت دونما احتراسْ
تطوّق الأعناقْ
فإن تململت نفوسنا تردُّ لحظةَ اختناقْ
وإن تثاءبت تذبُّ وطأة العناقْ