جواد الظاهر

1422-1361هـ 2001-1942م

سيرة الشاعر:

جواد بن ظاهر بن نادر.
ولد في مدينة الكوت (جنوبي بغداد)، وتوفي فيها.
قضى حياته في العراق.
تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدارس مدينة الكوت منذ عام 1948 إلى عام 1960، ثم التحق بدار المعلمين الابتدائية، فحصل على دبلوم تربوي عام 1964، ثم التحق بالجامعة المستنصرية عام 1969، فتخرج في كلية الآداب عام 1974 من قسم اللغة العربية.
عين مدرسًا في مدارس مدينة الكوت الابتدائية عام 1964، ثم ترقى إلى مدرس ثانوي بعد حصوله على المؤهل الجامعي عام 1974، وظل مدرسًا ثانويًا، حتى فصل من الوظيفة عام 1994.
كان عضو جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين.
نشط ثقافيّاً في الاحتفالات والمناسبات المختلفة، كما نشط سياسيًا وكان له موقف في زمن مضطرب جهر فيه برأيه، فتعرض للضرب المبرح، وفصل من وظيفته عام 1994.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان مطبوع مشاركة مع مجموعة من الشعراء بعنوان: «نوارس الموجة الآتية» - وزارة الإعلام - بغداد 1974.
شاعر مجدد، كتب قصيدة التفعيلة، وجعلها تعبيرًا عن هموم متداخلة بين الخاص والعام، فتجربته في مجملها تنزع إلى الذاتية، غير أنها محتشدة بالرموز التي توسع دلالاتها وتحيلها إلى خارج الذات لتسقط على الواقع، وتشتبك مع قضايا وهموم سياسية وطنية، وهي رموز شاعت عند شعراء التفعيلة، كثيرة الدوران في معجمهم اللغوي، مثل: «المخاض - الولادة - النوارس - النخيل». صوره مركبة تتداخل فيها البنى الدلالية لتزيد من كثافة المعنى، وربما نجد بعض الغموض.

مصادر الدراسة:
1 - صباح نوري المرزوك: معجم المؤلفين والكتاب العراقيين (جـ2) - بيت الحكمة - بغداد 2002.
2 - لقاء أجراه الباحث صباح نوري المرزوك مع أحد أصدقاء المترجم له - الكوت 2005.


الوطن الكبير

هنا يختفي الوهمُ ما بين وجهي ووجهكَ
كلُّ هموم العراقِ استفاقت تسائلُ عنا لهاثَ الرئهْ
يحاصرنا الحقدُ
كانت شوارعُ بغدادَ تبكي وأطفالُ بغدادَ يبكونَ
إنا احتُضرنا احتُضرنا
وقالوا انتهيْنا وطالت مسافاتُ وجهي
تُنائي مسافاتِ وجهكَ
كلُّ النوافذِ قد أطفأت نورَها وفاء بنوها
بأثقالِ سقفِ التدجُّنِ
إنّ خيولَ البريق تحاصرهم واحدًا واحدًا
تقدَّمْ!!
لك الطلقةُ الواحدهْ
وأمنيةٌ واحدهْ
وإلاّ فدعني أسافر عبر المساماتِ
أرسمُ في لوحها التبغَ دائرةً من رمادٍِ
فخذ وانهزمْ!!
فإنّ جنونَ المدينةِ كالتَّبغ في فوّهات بنادقهم
منتشٍ بالنجيع
يصافحُ في شبقٍ رئةً تحترقْ
خذوني سمعتُ نداء الثّواني ينادي
عَبْرنا عَبْرنا عَبْرنا
وما بعدنا أنتم الواقفونَ
تركنا لكم في جدارٍ عتيقٍ إشارةَ ضلعٍ
ووجعَ حقيقهْ
أيا وطنًا يزدرينا
رأيناك تأتي وحيدًا

تقاسيم

- الحزن
محضُ رملٍ ما روته الريحُ عن سدرتنا
محضُ رمادْ
شاخت السّدرةُ في القلب كما شاخ الزَّهَرْ
وعلى أغصانِها قد عشّس الرملُ عيونًا حاقداتٍ وحجَرْ
فالصواري لم تعدْ تعرفُ ما الليلُ ولا دفءُ السَّحرْ
- المخاض
صوتُكَ الريحُ التي تنقلُني
صوتُك الصًّبحُ الذي يغسلُني
مثل نهرِ الحبّ غبِّ الضجرِ
آهِ يا قطرة ماءٍ لا تخاتلْ
تزرع العزمِ بأعماق المقاتلْ
آهِ يا ومضةَ نورٍ من دمي
رغم آلافِ السنين المتعباتِ
سوف يبقى صوتُك الصاخبِ
في رأسي رموزًا ومشاعلْ

الغريق

أتيتُ إليك محمولاً بطمي البحرِ
كان الرمل مرساتي وعند العشب تقتسم الشموسُ
طراوةَ الأمواجِ
كانت وحشةُ الألوانْ
تغلّف نصفيَ العاري خطوطًا مالها لونُ
سوى ندبٍ رضعنَ بخلسةٍ
صلفَ الحراب الزرق في متنفّس الجرحِ
أصختُ وجاء جاء البحر يحكي شرخَ
من طعنوه لما لم تعد كفٌّ تمدّ
ليمنحَ الأنداء في متيبّس الرملِ
أتيت إليك محمولاً بكفّ الماءِ
كان الموج يغويني
يداعب في ارتخاءٍ صدريَ المبتلِّ
يمنح عبر أنسجتي هواء النكهةِ
المديه
أنا والموج والمرساة والنورسْ
والطعم الذي أغرو به النورسْ
تجيء إليّ جوقاتٍ تمرّ فترسم الأعشاب
من خطواتها قمرًا وأزهارا
تمر عليَّ تحني غصنها المغروسَ
بين الماء والشاطئ
أيا غصنًا رآه الماء محمولاً فلم يجزعْ
فأزهار الحراب تقاسمت جسدًا طريًا
مثلما الشاطئْ
يموت الزهد مطعونًا على الشاطئْ
يصير الزهر عنوانًا على جسدٍ
ليحكي سفرَ من غرقوا

في انتظار النوارس

تجيء النوارس في صفحة الماء طيارةً من ورقْ
آهِ لو كنت طفلاً لطرت بها
مثلما حلّق النورس القادمُ
لأهدي لعينيك رائحةَ العشب والزعفران
وقلبي الذي عشق الماء حدَّ التصوف والانبهار
وسرّ الليالي التي علموها تكون
لقد كنت لا أعرف البوحَ
لا أعرف الماءَ
ولكن تلك الليالي
لقد علّمتني التوجُّد في سرّها المكتسي
بالبؤرْ
تصير المرايا انعكاسًا لعينيكِ
يا حلوةَ الهمّ كم يشتهيك الحبيب
إذا جاع في أصغريك الفراقْ
وكم توقظِ الذكريات نوارسُ طيارةٍ
من ورقْ