محمد بدرالدين بن مصطفى بن رسلان.
ولد في مدينة حلب (شمالي سورية) وفيها توفي.
عاش في سورية ومصر والهند وتونس والحجاز.
تلقى علومه الأولى في زاوية أجداده آل النعساني، كما درس في الابتدائية السلطانية، وأخذ عن كبار شيوخ حلب في زمانه، فأتقن حفظ القرآن الكريم، إلى جانب تجويده، وتفسيره، وتلقى الحديث النبوي وشرحه، والفقه والتوحيد والتصوف وعلوم اللغة العربية نحوًا وصرفًا وبلاغة وعروضًا؛ فأحرز نبوغَا باكرًا.
رحل إلى مصر حيث الأزهر، وهناك تعهده أخوه الشيخ كامل، ومن شيوخه - إضافة إلى جده، وأعمامه - الشيخ محمد عبده الذي قربه، وكان من أحب تلاميذه إليه، فذاع صيته.
عمل مدرسًا إلى جانب اتصاله بالصحافة المصرية كاتبًا مثل صحف المؤيد واللواء والمقطم، وغيرها.
عمل محاضرًا في معاهد الهند، وكتب في صحافتها محاولاً استنهاض المسلمين بها ضد الإنجليز، فاستطاع إقناع زعمائهم بتأليف جمعيات سياسية تتصدى للإنجليز، ونجح في ذلك، مما دفع بالإنجليز إلى محاولة اعتقاله، فهرب إلى إيران، فالآستانة، فحلب، ومنها إلى فرنسا، ثم إلى مصر.
عمل محاضرًا في جامع الزيتونة بتونس منذ عام 1908، وأقام بين التونسيين إلى أن ألقى محاضرة تحت عنوان «الإسلام حاضره ومستقبله» فاعتقله الفرنسيون،وأبعدوه إلى الآستانة عام 1915، ثم عاد إلى مدينة حلب مدرسًا للغة العربية في أكبر معاهدها «السلطاني» إلى جانب عمله محررًا صحفيًا في صحف الأهالي، والغدير، والميثاق، وغير ذلك من الصحف الخاصة والرسمية.
انتدبه العثمانيون إلى الحجاز ليعمل محررًا في جريدة الحجاز بالمدينة المنورة مدة ستة أشهر، كما عمل محررًا في جريدة أم القرى بمكة المكرمة ثم عاد إلى دمشق، فحلب ليتابع عمله مدرسًا وصحفيًا.
كان عضوًا في المجمع العلمي العربي، كما كان عضوًا في لجان وضع مناهج التدريس أواخر الحكم العثماني، وانتخب عضوًا في لجنة أوقاف حلب.
عرف بذكائه النافذ، إلى جانب تمتعه بالظرف، وتحليه بفضيلة التواضع، غير أنه كان مضاعًا تنكر له قومه، فآثر العزلة وتفرغ للتعبّد.
كان صاحب مدرسة في نقد النصوص تتجاوز الطريقة التقليدية التي تعتمد على الوصف والشرح إلى محاولة نقد الألفاظ والتراكيب، نحوًا وبلاغة.
كان شديد الحماسة للوحدة الإسلامية ماثلة في دولة الخلافة العثمانية.
الإنتاج الشعري:
- أورد له كتاب «الحركة الأدبية المعاصرة في سورية» قصيدة واحدة، ونشرت له جريدة «الأهالي» الحلبية عددًا من القصائد منها: قصيدة مطلعها: إن الشراسة أن تلوم شريسًا - العدد 127 - 1930، وقصيدة مطلعها: بكيتم فيصلاً فبكت عليه - العدد 566 - 1933، وله العديد من القصائد المخطوطة.
الأعمال الأخرى:
- له العديد من المؤلفات في مجال اللغة والأدب والشعر منها: «شرح العمدة» - لابن رشيق - القاهرة 1907، و«المنتخب من كنايات الأدباء وإشارات البلغاء» - للجرجاني (تحقيق) - مصر 1908، و«تحف المجالس ونزهة المجالس» - للسيوطي (تحقيق) 1908، و«المفضل في شرح أبيات المفصل»، وهو ذيل كتاب المفصل في صنعة الإعراب - للزمخشري - بيروت 1990، و«المفضل في شرح أبيات المفصل»، وهو ذيل المفصل في اللغة - للزمخشري - دار الهلال - بيروت 1993، و«شرح المعلقات السبع»، و«شرح مفضليات الضبي»، و«شرح ديوان زهير»، و«نهاية الأرب في شرح معلقات العرب»، و«شرح الحيوان» - للجاحظ، و«شرح كتاب البيان والتبيين للتنوخي»، و«الشعر والشعراء»، وكتب عددًا كبيرًا من المقالات، كما كتب قصصًا، ومقالات، وأمثولات على نسق كليلة ودمنة، وترجم عددًا من القصص عن اللغتين التركية والفرنسية.
يجيء شعره تعبيرًا صادقًا عن قضايا التحرر الوطني في وطنه العربي بشكل خاص، وبالأمة الإسلامية بوجه عام. ممجد لكفاح الثوار، والمناضلين من أجل الحرية، وله شعر يعتب فيه على الأمة الإسلامية، وما صارت إليه من ذل وهوان، داعيًا إياها إلى بعث نهضتها وإعادة ريادتها. مناهض للمستعمر وأعوانه، وله شعر يدعو فيه إلى نبذ التحزب والتفرق، مذكرًا بأهمية الوحدة في استعادة الصف وفرض الإرادة، إلى جانب شعر له في العتاب. كما كتب في مبايعة أحمد شوقي أميرًا للشعراء. تتسم لغته باليُسر مع ميلها إلى المباشرة، وخياله نشيط. التزم الوزن والقافية فيما كتب من شعر.
نال العديد من الأوسمة والنياشين منها: «وسام الحرب باسم السلطان» - عام 1914م، و«مرتبة أزمير المجردة باسم السلطان محمد خان» - عام 1915م، و«وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الثانية» - 1941، و«حصل على لقب باشا»، وأقيم حفل تأبين في ذكرى الأربعين لرحيله، أنشد فيه كبار الشعراء قصائد رثائه، وفي حلب شارع يحمل اسمه.
مصادر الدراسة:
1 - سامي الكيالي: الأدب العربي المعاصر في سورية - دار المعارف - مصر 1968.
2 - عائشة الدباغ: الحركة الفكرية في حلب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين - دار الفكر - بيروت 1972.
3 - فؤاد عنتابي ونجوى عثمان: حلب في مئة عام (مخطوط).
4 - الدوريات: حسين الشعباني: مات بدرالدين النعساني - صحيفة الحوادث - ع783 - حلب 1942.