حسن صبحي

1410-1347هـ 1989-1928م

سيرة الشاعر:

حسن بن عباس صبحي.
ولد في مدينة شندي (شمالي الخرطوم - السودان) وتوفي في تبوك (شمالي السعودية).
عاش في السودان، ومصر، وبريطانيا، والمملكة العربية السعودية، والاتحاد السوفييتي.
درس بمدارس بخت الرضا، ثم التحق بكلية الآداب (جامعة القاهرة) قسم اللغة الإنجليزية، وبعد تخرجه أحرز الماجستير من الكلية ذاتها، ثم سافر إلى جامعة
أدنبرة (بريطانيا) حيث نال درجة الدكتوراه في الأدب المقارن.
عمل معلمًا، ثم مذيعاً بالقسم العربي بإذاعة لندن، غير أنه استقال عقب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 - وعاد إلى السودان، ليعمل أستاذًا للأدب
الإنجليزي بجامعة أم درمان الإسلامية. ثم انتدب للتدريس بالمملكة العربية السعودية، وكان هناك الرحيل.
كان عضواً مؤسساً في الندوة الأدبية بأم درمان، وعضواً بمؤتمر الكتاب الآسيويين والإفريقيين، وعضوًا عاملاً في كثير من منتديات القاهرة الثقافية.
نال وسام العلم الذهبي من جمهورية السودان عام 1976.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «طائر الليل» - مطبعة التقدم، - القاهرة (د. ت)، كما نشر الكثير من شعره في الصحف والمجلات السودانية والعربية.
التزم شعر التفعيلة، وكانت إقامته بمصر سبيلاً إلى تأثره بشعراء المدرسة الجديدة في مصر، وعلى رأسهم صلاح عبدالصبور، كما كان لتخصصه في الأدب الإنجليزي
أثره الواضح في أخيلته الشعرية، وقد استفاد من معين الرمزية الذي يزخر به شعر الحداثيين الأوربيين أمثال عزرا باوند، وإليوت، ممن قرأ لهم الشاعر وتأثر بشعرهم.

مصادر الدراسة:
1 - عون الشريف قاسم: موسوعة القبائل والأنساب في السودان - مطبعة أفروقراف - الخرطوم 1996.
2 - محمد أحمد شاموق: معجم الشخصيات السودانية - بيت الثقافة - الخرطوم 1986.
3 - معجم أدباء السودان (جـ 3) الهيئة القومية للثقافة والفنون - الخرطوم 1994.

طائر الليل

أيا طائرَ الليلِ
وَلَّى من الليل عمرٌ طويلْ
وما زلتَ أنت
تصيحُ تصيحْ
بصوتٍ جريحْ
فيطرق سمع الوجودِ الفسيحْ
وينهال يا طائري في حَزَنْ
فتكنزه العتمةُ الحالكهْ
ويثخن فينا جراح الشجنْ
فنذكر مُرَّ الأسى والنواحْ
إلى أن تهلَّ عيون الصباحْ
وتنشر شمس النهارِ الضياءْ
وحينئذٍ
تعود إلى وكرك المنعزلْ
بعيداً بعيداً برأسِ الجبلْ
وتلقي بجسمك يا طائري
كليلاً من الرحلة الساهرهْ
ويحملك النوم في مركبِهْ
ويرخى الشراعَ
وأنت تنامْ
وتحلم بالرحلة القادمهْ
ويمضي الصباحْ
بأنفاسه الحلوة الطيبهْ
بأنوار بهجته الساطعهْ
بأزهاره النضرة الباسمهْ
بأطياره حرةً في الفضاءْ
وطير «الخداري» يغنّي طليقًا
نشيد الأملْ ربيع الحياهْ
ينغِّم ألحانه في انتصارْ
ويشعل في القلب روح الرجاءْ
ونارَ الكفاحْ
وأنت تنامْ
وتحلم بالرحلة القادمهْ
وشيئاً فشيئاً يذوب الضياء
تودِّعه نغماتُ الطيورْ
إلى أن يغيب وراء الأفقْ
وحينئذٍ
يعود «الخداري» إلى عُشِّهِ
بقلب الحديقة بين الفروعْ
وينضح في جسمه شوقه
ليوم غدِ
ليسكب من صدره حبَّهُ
لدنيا الحياة وروح الرجاءْ
وبعد قليلٍ
يعمّ المساءْ
وتتبعه الظلمة الموحشهْْ
وتعوي الذئاب بصوتٍ نكيرْ
يخيف الجزيرة تحت الجبلْ
وتشرع ضفدعةٌ في النقيقْ
تشاركها ضفدعات أُخَرْ
وتنسلُّ تنسلُّ من نومها
زواحفُ مكتئبات الصورْ
تمرِّغ أجسامها في الوحلْ
تجرُّ على العالمين الخرابْ
وتنفثُ أحشاؤها ألفَ شَر
وبين الظلامِ
تصبُّ الكلابْ
نذيرَ النباح بجوف الجزيرهْ
تجاوبها غمغماتُ الذئابْ
ويعلو الصراخْ
يدوِّي النُّباحْ
يلفُّ الجزيرة
يهزُّ الجبلْ
فتقفز من حلمك الغيهَبِيِّ
وتنظر مبتهجًا بالظلامْ
وتجلس في وكْركَ المنعزلْ
بعيداً هناك برأس الجبلْ
توزّع صيحاتك النائحهْ
وتهفو لرحلتك القاتمهْ
بدنيا الظلامْ
وأنت تصيحُ
تصيحُ تصيحْ
بصوتٍ جريحْ
فيطرق سمع الوجود الفسيحْ
وينهالُ يا طائري في حَزَنْ
فتكنزه العتمةُ الحالكهْ
ويثخن فينا جراح الشجنْ
فنذكر مُرَّ الأسى والنواحْ
إلى أن تهلَّ عيونُ الصباحْ
وتنشر شمسُ النهارِ الضياءْ

من قصيدة: ليالي الصيف

القمرُ المشبوبُ الوسنانْ
يتراقصُ في بحر البلَّورْ
والأنجم يا للأنجمِ
حول القمر عرائسُ نورْ
وشراعٌ يرشف في شوقٍ،
أنفاسَ الريح النشوانهْ
والمجدافْ
يرتاد الموج بإيقاعِه
«والجدعانْ»
بسواعدهم تلك السمراءْ
يرعَون المركب بأمانهْ
والملاّح «الريِّس»
منطلقُ النفسِ برحلتهِ
في نظراتهْ
أسرارُ النيل المطويَّهْ
في الأعماقْ
في الأبديّهْ
ويدور الصوت المحبوبْ
ويدور رفيقًا ويدورْ
هيلا هُب هيلا
هيلا هُب هيلا
ويجوب على متن التيّارْ
آفاقُ الفلكِ الدوّارْ
هيلا هُب هيلا