سليمان عواد

1405-1343هـ 1984-1924م

سيرة الشاعر:

سليمان بن إسماعيل عواد.
ولد في بلدة سلمية (شرقي حماة - سورية).
عاش بين عدة مدن في سورية، وفي بيروت، وزار رومانيا.
تلقى تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه، ثم انتسب إلى الكلية الأرثوذكسية في حمص لمتابعة دراسته الثانوية، انتقل بعدها إلى اللاييك في طرطوس، وبعد عوده إلى حمص انتقل إلى تجهيز حماة.
التحق بالجامعة اليسوعية في بيروت - قسم العلوم السياسية - لعام واحد، ثم غادره إلى الحياة العملية.
عمل موظفاً في وزارة الزراعة، ثم معيداً بكلية الزراعة، ثم نقل إلى وزارة الإعلام (رقابة الكتب)، وقد فصل عن عمله هذا زهاء عشر سنوات ثم أعيد إليه إلى أن أحيل إلى المعاش.. بعدها تفرغ للكتابة.
كان عضو جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب بدمشق.

الإنتاج الشعري:
- له ستة دواوين منشورة من النثر الشعري: « أغان بوهيمية» - 1957 - طبعة ثانية 1960 ، و«سمر ناد» - مطبعة الجمهورية - دمشق 1957 ، و«أغاني منتصف الليل» - صدر عام 1963 ، و«حقول الأبدية» - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1979، و«شتاء» - مطبعة الحياة - دمشق، و«أغاني زهرة اللوتس» - اتحاد الكتاب العرب - دمشق.

الأعمال الأخرى:
- كتب المقالة السياسية القصيرة في شكل خاطرة، واهتم بالترجمة عن اللغة الفرنسية، وله كتابان عن الشعر في رومانيا: «شعراء من رومانيا»، و«ذئب البحر» مختارات من الشعر الروماني، وله كتيبان عن «التضليل الشيوعي» و«انهيار الشيوعية في سورية».
كتب قصيدة النثر منذ زمن مبكر نسبياً (1945) بالنسبة إلى الشعر العربي، وهي عنده تفتقد شرط الوزن أو التفعيلة، وتستعيض عنهما بظواهر أسلوبية منها التكرار للعبارة (أو الترديد) والعناية بالتكوين الصوتي وإيثار الجمل القصيرة الموقعة، مع نزعة إلى تحرير الجسد والروح والانطلاق على وفاق مع الطبيعة، وبهذا جمع بين جوانب رومانسية، وأخرى عبثية، مع إشارات رمزية يجمع بينها رابط متسرب يوشك أن يكون هيكل مشهد قصصي.

مصادر الدراسة:
1 - أديب عزت وآخرون: تراجم أعضاء اتحاد الكتاب العرب في سورية والوطن العربي - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 2000.
2 - حسان بدر الدين الكاتب: الموسوعة الموجزة (ط1) - مطبعة ألف باء الأديب - دمشق 1978.
3 - سليمان سليم البواب: موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين - دار المنارة - دمشق 2000.

تشرُّد

أحلم بعض الأحيان في ليالٍ
أمضيتها متشرداً في الريف
أنام على البيادر
أشمّ رائحة السنابل
أملأ روحي بعبير البرية
والنجوم تُزهر في قلبي أغانٍ من أقحوان
أحلم في أمسيات قرب البحر
أتمدّد على الرمال خيالاً مجنَّحاً
صاغياً إلى صخب الأمواج الأبدي
والأنوار في السفن تنقلني إلى شاطئٍ غريب
أستنشق من خلال لجته أريجَ
البحرِ وشذى الأسماك
وهي محمولة في الفجر الندي
علي قوارب الصيادين
أحلم أن يكون لي جناحٌ
يطير بقلبي حتى آخر العالم
وعند نهاية رحلته
استقرّ في كوخٍ شاعريٍّ
في مراعي القمر

فرح

هو ذا المساء يدلف إلى أعماقك يا قلبي
إنه ليتفجَّر بالكآبة الصامتة التي لا معنى لها
والنجوم، والنجوم يا قلبي
كم سطعتْ كمصابيحِ قواربَ ساهرة
كنيران رعاةٍ يتسامرون
فلِمَ لا تسطع في سمائك
نجومُ الغبطة يا قلبي؟
وأزهار أزهار الحلم والأمل
كم تفتّحت في نفوس المعذبين
رغم أنهار الألم وظلام الشتاء؟
فلِمَ لا تتفتح أزهار الأمل في نفسك يا قلبي؟
هوذا المساء يدلف إلى مجاهلك يا نفسي
فلنشعل أمامه كل مصابيح المسرّة والأفراح
ليضمحلَّ ويمضي إلى غير رجعة

في أعماق المحيط

أنا لست بالصاحي
لقد شربت حتى ارتويت
حتى تلاشيت صبابةً سديمية
تذهب في غيبوبةٍ ذاهلة
أنا لست بالصاحي
لقد كرعت حتى رثت الأقداح
آملاً أن أتخلص من عبودية التراب
ولكني وا خيبتاه!
لم أعثر إلا على سراب
أنا لست بالصاحي
لقد تجرّعت حتى أنسى وجودي
وجودي السكران بالشَّقاء وخيبة الآمال
لم يبقَ لي في هذا الوجود
سوى أن أودّع الحياة
مبتعداً ما أمكنني عن هذه الدنيا السخيفة
غايتي أن أنزوي بعيداً بعيداً
في أعماق المحيط
كي أفنى في خضمّ الأمواج
فالأرض تدنّست بأشباه البشر
غايتي أن أستحيل على ممرّ السنين
طيراً بحرياً أبيض الجناح
يرافق الملاحين عبر البحار
أو محارةً تحتضن لؤلؤةً ناصعة
أو موجةً زرقاء
تغني في أعماق المحيط

وجد حزين

كنت حزيناً
كنت سعيداً بمصاحبة هذا الجسد
منذ سنينَ عديدة
سعيداً كعصفورٍ في مرجٍ أخضر
والآن بدأت أضيق به
أصبحت أتبرَّم بجسدي
هذا القفص اللعين الذي يهدم روحي،
ويتهدّم معها
ثم َّيمنعها من الانطلاق نحو البعيد البعيد
آهِ لو كانت لديّ القوة الكافية
لأحطّم هذا الجسد
وأحطّم معه كل أحلامي وأمنياتي!
كلما نظرت إلى وجهي في المرآة
إخال أنه يعاتب روحي عتاباً كئيباً
على المضايقات التي تسببها له
إن وجهي حزين
وأزهار روحي الصفراء تلوي أعناقها

جليد

لقد ضاع قلبي في الجليد
أواه ما أقسى الجليد
وما أمرَّ الشتاء
فيا شمسَ الربيع الآتية
انزعي قلبي من أعماق الصقيع
وانثريه مع نسمات الحب الدافئة
ويا زهراتِ البنفْسَجِ والأقحوان
إن قلبي ينمو مع براعم الربيع
وحشائش البرية التي غطاها الجليد
وغدًا عندما ينزاح الضبابُ من دروبي المقفرة
ويَبْتَسِمُ الأمل الجذاب في كهوف سأمِي
غدًا سيورق الحلم اللذيذ في ربيع حياتي
فأنسى الصَّقيع، وقساوة الشتاء
وَأجِدُ القلبَ الذي ضاع