أحمد الحوتي

1418-1365هـ 1997-1945م

سيرة الشاعر:

أحمد الحوتي إبراهيم الحوتي.
ولد بقرية منية عياش - (المحلة الكبرى)، وتوفي بالقاهرة، وقضى حياته في مصر.
درس بمدينة المحلة الكبرى، وتخرج في كلية الزراعة بجامعة عين شمس 1968.
أدى واجبه في القوات المسلحة إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973، ثم عمل بالثقافة الجماهيرية (وزارة الثقافة) في عدة مناصب، كان آخرها: مدير عام ثقافة الطفل.
كان عضو اتحاد الكتاب بمصر، وجمعية حقوق الإنسان، والمجلس العالمي لكتب الأطفال.
كانت له مشاركة في المؤتمرات الشعرية والمهرجانات بمصر وبالأقطار العربية، ونشاط صحفي وإذاعي ملحوظ.
فاز بالجائزة الأولى في شعر حرب أكتوبر (1973).

الإنتاج الشعري:
- له ثمانية دواوين منشورة: «نقش على بردية العبور» - دار آتون. القاهرة 1980 (طبع ثلاث طبعات)، و«مثلك شجرة تين برية» - وزارة الثقافة. بغداد ط2 - 1981، و«الانتظار على مائدة الشمس»: الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة 1981، و«حكاية الساحر والفيضان» (ديوان للأطفال) - الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة 1984، و«الفارس المغرور» (ديوان للأطفال) - الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة 1988، و«اليمامة والنهر» - الهيئة العامة لقصور الثقافة. القاهرة 1993، و«الزهرة التي حاولت تبديل لونها» - (ديوان للأطفال) الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995، و«أحوال تلك السيدة» - الهيئة العامة لقصور الثقافة. القاهرة 1997.

الأعمال الأخرى:
- له مسرحية: «الزائر» - شعرية - مختارات فصول - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1995، وثلاث مسرحيات (مخطوطة): «لعبة السامر» (للأطفال) - والهباشين (بالعامية) - و«أحزان رجل طيب» (من فصل واحد) ، وله عملان دراميان: «حدث في المولد» (أوبريت بالعامية المصرية) - و«سيناء وطني» (ثلاث حالات درامية)، بالإضافة إلى مقالات ودراسات في المسرح والقصة والشعر - (مخطوطة).
يعنى الشاعر بالقضايا القومية، مع ميل لإسقاط الخاص على العام، وتتراوح أشعاره بين الخاطرة الشعرية والقصيدة المركبة، وتتنوع تقنيات الأداء ما بين السرد والحوار ورسم المشاهد الدرامية، مع الاعتماد على الرمز أحيانا، وقد ظلت البنية الإيقاعية عنده محافظة على نمطها السائد عند كبار شعراء الستينيات، كما نظم على نسق قصيدة التفعيلة.
صدرت أعماله الكاملة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في مجلدين عامي 1999، 2000.
ترجم بعض أشعاره إلى الإسبانية ضمن كتاب صدر عن الشعر المصري المعاصر.

مصادر الدراسة:
- ملف خاص عن الشاعر في مجلة الثقافة الجديدة - (العدد 109 - أكتوبر 1997) التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر.

تراجيديا البكاء والغربة..

البكاء
الآن يرحلُ
مثل كلِّ الأمنياتِ
ومثلَ كلِّ الراحلينْ
ويجيء صوتٌ
من كراريس الصغارِ
ومن دماء العارفينْ
الآنَ
يجرحني ويمضي
في الفراغ، مُغاضبا!
ويظلُّ قلبي مُذنبا!
أبداً يجرجرني إلى حيث الميادين الفسيحةِ
لا أرى شيئاً
فأقذف شقفةً في النيلِ
أجلس غاضبا
لا ريبَ هذا المسرح الخالي
يذكِّرني الرحيلْ
وجريدُ نخلتنا القديمةِ!
إنه شوكٌ
بخاصرةِ الوطنْ
الوقت يهزمهُ
ويكسر أنفهُ
وتظل تذروهُ الرياحُ
يظل يسخر من مآثرِهِ الزمنْ!
دَمٌ ينسابُ
في كلِّ الشوارعْ
وثنٌ وذَنْبٌ غامضٌ
لا شيءَ يشبههُ
ويعرفُ
كان يعرفُ أن زوبعةً تمرُّ، وأنهُ
ياءُ النداءِ المستمرِّ، وحينَ يدهمُنا
الجفافُ المرُّ، لا يأتي!!
دمٌ ينسابُ
فاصلةٌ
وينفجرُ النداءُ
وأنت تصرخُ
بين ما يَهْوِي
وحُلْمكَ
في البناءْ!!

الغربة

وطنٌ يذكِّرني الرحيلْ!
وطن ونيلْ
وطنٌ ونيلٌ راكدٌ
حين التجأتُ إليه ضيَّعني!
وبدَّدني
وأنا التجأت إلى الشواطىءِ
لم أجد شيئاً!
فجرجرني دمي نحو الخرائطِ
لم أجد شيئاً!!
فجرجرني دمي ووقفتُ
أنظرُ
كان قلبي
نحو وجهك منصتا
والليل مرتبكٌ
أشكِّلُ وردةً - في الليلِ -
أقذفُ شقْفةً في النيلِ
يأتيني
فنبكي
ثم يتركني ويبكي
صامتا!!
هي نخلةٌ شاختْ
تبادلني أنوثَتها وتبقى
وحدَها
في غَمْرة الوجع النبيلِ
وغمرةِ الترتيلْ!
هي نخلةٌ
وأنا هجرت مواجدي
فارحل بنا يا نيلُ
خلفَ طموحنا
أو خلف قاتلنا الجميلْ!
هذا دمٌ ينسابُ في كل الشوارعِ
ذا معاظَلةٌ، وذنب غامضٌ
لا شيءَ يشبهُهُ
وموعدنا
الرحيل!
أيكون موعدنا
حقيقةَ ضعفنا!؟
وطموحُنا
وطنٌ بحجْمِ طموحنا؟!
أتكون - حقًا - هذه الأرض الغريبةُ
أرضَنا؟
ويكون هذا النهر أوَّلنا
وآخره لنا؟!
إني أصدق أيَّ شيءٍ
غير أن النهر يخدعنا
ويسقي غيرَنا!!

أغنية غجرية

يعبر - في لمحةٍ -
وتدوّي حوافره على إبر السنطِ
المبعثرِ
فوق الطريقْ
وأنتَ؟ كما أنتَ!!
ظلٌّ وحيدٌ
ولستَ الذي أرتضي من صديقْ
آه أيقظني الفجرُ
كي أرى تلك الطيور تصفّقُ
وأرى التلاميذَ
ينتظرون في آخر الحيِّ
هنالكَ
أسمع أغنيةً غجرّيةً
تجيء من البراري
البعيده
كيف أهرب من داخلي
كيف أخلع ظلي وأرسله
إلى جارةِ القلبِ
وهي تغني لتلك المدينة
كيف أدق على معصمك الأرض
وشمَ الأمومة
أنزع عنها علاماتِ فطرتها
وأرى مئذنةَ المسجد المتهالكِ
والأصدقاءَ القدامى
وكراسةَ الدرسِ
والمواويلَ،
أرى خبزَ أمي
وأسمع وقع أبي وهو ينهضُ
في الفجرِ
أصغي إلى صوته القرويّ يرتّلُ
والدجاجُ
ينقنقُ
والنساء يجهّزنَ عيشَ الصباحْ
كل هذا الذي راحْ
كيف أجمعه
وأدقّ على معصم الأرض زرقته
وألوذ به من وردة الموتِ
أو من قميص الرؤى المستباحْ؟