علي المك

1413-1356هـ 1992-1937م

سيرة الشاعر:

علي محمد المك.
ولد في مدينة أم درمان (السودان)، وتوفي في نيو مكسيكو (الولايات المتحدة الأمريكية) أثناء زيارة لها.
أمضى حياته في السودان والولايات المتحدة الأمريكية.
تلقى تعليمه قبل الجامعي بمدارس أم درمان، ثم التحق بجامعة الخرطوم وتخرج فيها، ثم بعث إلى جامعة أنديانا في الولايات المتحدة وحصل على الماجستير، وتخصص في أدب الزنوج والهنود الحمر.
اشتغل بالتدريس في جامعة الخرطوم قبل بعثته إلى الولايات المتحدة
الأمريكية، ثم عمل مديرًا لدار النشر الجامعية، فمعيدًا في شعبة الترجمة.
كان رئيسًا لاتحاد الكتاب السودانيين.
كان متعدد المواهب، فهو قاص وروائي، وقد مثل هذان الفنان جل إنتاجه الإبداعي، وكان رائدًا فيهما لكثير من المبدعين، له دراسات نقدية مهمة، وكان موسيقيًا، كما كان شاعرًا.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان بعنوان: «مدينة من تراب».

الأعمال الأخرى:
- له العديد من المجموعات القصصية ومنها: «البرجوازية الصغيرة»، و«في القرية»، و«القمر الجالس في فناء داره»، و«وهل أبصر أعمى المعرة»، و«الصعود إلى أسفل المدينة»، و«حمى الدريس»، وله دراسات نقدية منها: «ديوان البنا» و«ديوان خليل فرح»، وترجم نماذج من الأدب الزنجي الأمريكي منها كتاب: الأرض الآثمة.
كتب الشعر المرسل، وجعله شاهدًا على طبائع ووقائع الحياة اليومية في مدينته، إذ يصور ملامح الناس فيها: أعمارهم القصار، أحلامهم المجهضة، آلام الجوع والقهر والمرض. شعره ينزع إلى السرد، من ثم يأتي الإشباع الجمالي عبر تداخل المعاني بين القصائد المختلفة، حتى يبدو الديوان أقرب إلى تجربة واحدة متماسكة تعالج عالمًا واحدًا عبر زوايا مختلفة، وتمر عبر حالات من الشعور الإنساني والإحساس بنبض الحياة في الطرقات والبيوت ودور العبادة، لغته مكثفة موحية في دلالتها.

مصادر الدراسة:
1 - محمد خير رمضان يوسف: تتمة أعلام الزركلي - دار ابن حزم - بيروت 1998.
2 - نزار أباظة ومحمد رياض المالح: إتمام الأعلام، ذيل لكتاب الأعلام لخير الدين الزركلي - دار صادر - بيروت 1999.

طوب

قصدتُ دار طوب الأرض في مدينة التراب
أردت أن أشكو لطوب الأرض سوء حالتي
وحينما وصلت
سألت أهل الدار أين طوبُ الأرض؟
قالوا ذهب يشكو سوء حاله لطوب السما

الصباح رباح

الصباح رباح
«صباحات الله بي خيرن»
سمعتها تقول
العزيزة جارتنا
جارتنا الصابرة
الفقيرة جارتنا
كانت تحدث ابنها الصغير
الجالس على حجرها
يبكي جائعا
وقد اشتمَّ في هواء الحي رائحة شواء
ورائحة لحم تعذبه النيران
فغاصت بطنه في ظهره من جوع
ومن الجوع ما يؤلم حقا
إصبرْ
الصباح رباح
«صباحات الله بي خيرن»
ولم يبدِ اقتناعًا
صفعته وقد يسكت المرء حين يصفع
وقد يدير خدّه الأيسر
وبكى حتى شبع دمعًا
ونام
الصباح رباح
الصباح رباح
الصباح رباح

واق الواق

يزوركم غدًا مليكُ واق الواق
يجوس في أسواقكم
يدخل بيت الخليفة وجامع الخليفة
يخرج للصيد في صحرائكم
فاستقبلوه
وافرحوا لِـمَقْدَمِه
ثم أكرموه فهو ضيفكم
وحينما يغادر البلاد
انزعوا لافتات الترحيب من على الجدران
واصنعوا منها مآزر وسراويل وأكفانا
واستعدّوا
بعد غدٍ يأتي إليكم مليكُ دولةٍ جديدْ
هاتوا مآزركم وسراويلكم وأكفانكم
واكتبوا عليها حللت أهلاً
ونزلت سهلاً
وافرحوا لِـمَقْدَمِه
فهو لن يأخذ شيئًا منكمُ
سوى ريشِ نعامٍ ذكرٍ حُرٍّ بالغٍ
وبعضَ ألسنة العصافير
وغصنَ أبنوس
وسبعةَ أرطالٍ من ضوء الشمس
يُنشئ بها مزرعةً للدفء والضياء في بلاده الجدباء
واعلموا أن الحياة رائعه
أليس جميلاً أن تُدخلوا السعادةَ في قلوب ملوك الأرض؟

بلدي

سألتَني أن أحدِّثَكَ عن بلدي
لوني شحَب
كأنك سألتني أن أتحدَّثَ عن نفسي
ليس في سيرتي ما يُخجل
ولا في سيرة بلدي
الحقُّ أنها أسيانةٌ
وإنها لمجهَده
النسوان بها في الحيشان حبيسات بلدي
وبيوتُها القصيرةُ أقزامُ بيوت
وأهلُها البيوتُ والبلدُ يبحثون عن شيءٍ ما
في الطرقات يهيمون
يصلّون الفجر حاضرًا
وينطقون بالشهادتين
ويحجّون البيتَ إن استطاعوا وإن لم يستطيعوا
ويزكّون
يصومون رمضان - قلقًا - ويلعبون في نهاره الورق
ومنهم من يغشى حلقات الأذكار
ومنهم من ينشل في مولد النبي
يكرمون الضيفَ
ويبولون قائمين
مثلُ هذه العمائر ليست من سِماتِ بلدي
ولا ساكنيها العمائرِ
حقًا إن هذا الشحاذ يشبه أحد سَراة القوم في بلدي
وعيناك تشبهان في خضرتهما ورق الأشجار في بلدي
النيم، والجمّيز، والدليب
فيهما من الأوراق دمعة الندى
وفيهما خوف وفيهما الأسى
أن يأتيَ الجفافُ بغتة

حورية

وكان في حارتنا فتاةٌ حلوةٌ
كأنها حوريةٌ
واسمها سعاد
كنت أظن أنها تحبني
تخصّني بعطفها
زُفَّت إلى ابن عمها
واسمه حسين
ولم نكن في ذلك الزمان ندري ما هو الحب
وما الغرام
ولكنها لم تكن تصرخ ليلة زفافها