عيسوي محمود غبارة

1420-1350هـ 1999-1931م

سيرة الشاعر:

عيسوي محمود غبارة.
ولد في القاهرة وتوفي فيها.
أنهى تعليمه قبل الجامعي بمدارس القاهرة، ثم التحق بكلية الهندسة (جامعة القاهرة)، فدرس هندسة العمارة وتخرج فيها 1956.
التحق بالخدمة النظامية في القوات المسلحة، وتدرج في رتبه ووظائفه حتى عمل رئيسًا لأركان إدارة الأشغال العسكرية، كما عمل نائبًا لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ثم ترقى إلى رتبة اللواء، وبعد بلوغه سن التقاعد عمل مهندسًا استشاريًا وخبيرًا في المشروع الإقليمي التابع لوزارة التعمير ومجموعة شركات الشرق الأوسط لاستصلاح الأراضي.
تولى رئاسة تحرير «مجلة المهندسين» - التي تصدرها نقابة المهندسين بالقاهرة.

الإنتاج الشعري:
- له قصائد منشورة في مجلة نقابة المهندسين منها في الأعوام (1997 - 1999 خاصة)، وقد حملت العناوين التالية: «إلى رفيق النور» - «قف سبح الرحمن» - «في زحام القاهرة» - «سيارة» - «قصيدة حب.. يا سيناء» - «لن يدخلوا أرضي»، وله قصائد نشرت في بعض المجلات المصرية وأخرى ألقيت بالإذاعة.

الأعمال الأخرى:
- له مجموعة من المقالات المنشورة في صحف ومجلات عصره منها: من ذخائر العرب - على هامش الديكور - دعوة - قرأت لك هذا الكتاب.
شعره أغراضه قليلة، نظم في الوجدانيات، وعبر عن وطنيته في بعض قصائده مثل (قصيدة حب.. يا سيناء)، وترتفع وطنيته إلى نبرة حماسية ومباشرة في قصيدة (لن يدخلوا أرضي)، نوَّع في أبنيته فنظم القصيدة العمودية وقطعها، وله قصائد قليلة على نظام التفعيلة وقفت عند حدود التجديد في الشكل، وبعض قصائده تأتي في مناسبات عابرة: كوصفه لزحام القاهرة، أو وصفه لسيارة قديمة، أو تعليقه على صورة لحسناء، لغته سلسة ومعانيه مطروقة وخياله قريب.

مصادر الدراسة:
- معرفة شخصية للباحث ياسر قطامش بالمترجم له، ولقاء له مع أفراد من أسرة المترجم له - القاهرة 2002.

إلى رفيق النور

أثرْتَ الشجْوَ في قلبي ورحْتَ

وبِتُّ مؤرَّقًا أتُراك نمتَا؟

أدورُ بكل ركنٍ في خشوعٍ

أصلّي ركعتين كما ركعْتا

وتصفو بالصلاة جميعُ نفسي

وكنت موزَّعًا شكلاً وسَمْتا

وفي نور الرِّحاب أهيم حبّاً

ويُسعدني اللقاء كما سعدْتا

فأنسى يا رفيقَ النور نفسي

وأُصبح لو ترى أمنًا وصمتا

وهذا الباب باب الخير طُرّاً

فخذْ بركاتِه أنَّى أتيْتا

وقل يا ربِّ جُدتَ به علينا

ونعم الخيرُ أنت به منَنْتا

فصلِّ عليه دومًا يا إلهي

وبلِّغْهُ الوسيلةَ حيث شئتا

وعبدٌ من عبادِكَ مستقرٌّ

ببابِك قائمٌ فيما أقمتا

ويرفع بالضراعة كلَّ كفٍّ

عسى ينجو بفضلِك إن أردتا

إلهي يا مفرِّجَ كلَّ كربٍ

ويا من بالعطا والفضل جُدْتا

ويا مَنْ أنت ليس سواك رَبٌّ

بلُطفك قد خَلَقْتَ وقد رزقتا

إلهي يا إلهي يا إلهي

ولا نُحصي الثناء بما أفضتا

سألناكَ الصلاةَ على نبيٍّ

له بعظيم خُلْقٍ قد شَهدْتا

إهداء صورة

وهذي صورتي إن غبتُ يومًا

تقصُّ عليك أشواقي ولَهْفي

وتشهدُ أنني ما عشتُ أبقى

على عهدي وحفظُ العهدِ يكفي

ولو أنْ قد طلبتِ اليومَ روحي

حملتُ إليك روحي فوق كفّي

فداؤك كلُّ ما ملكتْ يميني

سأعلنُها وأجهرُ لست أُخفي

سيارة

في وحدتي سيارةٌ فاعجَبْ لها في مَشْيَها

تمشي كما القطعانُ تنشرُ بالطريق ترابَها

وكأنما في لونِها المصفرِّ إيماءٌ لسوءةِ حالِها

خطواتُها الكسلى كخطْوِ السلحفاةِ وزحفِها

وتخالها تمشي فإن دقَّقْت ساءكَ حالها

قالوا أتركبُها ولا تسرعْ فتمشي قبلها

إنا نرى سيَّان عندك سيرُها ووقوفُها

تهتزُّ كالمحموم كم قاسيتَ من هزّاتها

وتكاد إن وقفتْ تسيرُ فكيف تأمنُ شرَّها

قلت ارحموها فهْي قد كانت فريدةَ عصرِها

وغدًا إذا آنَ الأوان غدًا سنركب غيرها

في زحام القاهرة

ليل المدينة ينتصفْ

وأنا أقفْ

فوق الطُّوارْ

والانتظار كأنه حبّاتُ نارْ

والحافلات تمرُّ

تمعن في الفِرارْ

والبردُ قاسٍ

والطريق خلتْ

فلا غادٍ وسارْ

لم يبق غيرُ العاملينَ

العائدينَ من العناءْ

والحانةُ النكراء تفتح بابها

حتى يطالعها النهارُ بلا حياءْ

وركبت حافلةً تسيرُ كما تشاءْ

رُكّابها مجموعةٌ تشقى النهارْ

وثمّ يُضنيها المساءْ

من بينهم رجلٌ

يعيش على الغناءْ

معه الربابةُ

ضمَّها ليقولَ ألحانًا

وجاء ببعض شيءٍ كالغناءْ

وجماعةُ الركاب ضجَّتْ

كلها تُطريهِ

حتى لا يكفَّ عن الغناءْ

والسائق المكدودُ

يصرخُ

أيها الركابُ لا تقفوا هنا

فوق الدرجْ

واذا فعلتم لن أسيرَ

ولا حرجْ

ويردُّ منهم من يقولُ

أتى الفَرَجْ

قفْ سيدي

سأكون أولَ من خَرَجْ

من علبة السردينِ

في شارعْ فَرَجْ

والسائقُ المسكين جُنَّ

من الصراخْ

وبرغم ما يلقى يسيرُ

وقد تكدَّسَ معظم الركابِ

في نفس المكان على الدرجْ