فرج فُودة

1413-1365هـ 1992-1945م

سيرة الشاعر:

فرج علي فودة.
ولد في مدينة الزرقا - (محافظة دمياط - شمالي دلتا مصر)، وتوفي في القاهرة.
عاش في مصر والعراق وأمريكا وألمانيا.
تدرج في مراحل التعليم حتى حصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة عين شمس (1967)، ثم على الماجستير في العلوم الزراعية (1975) والدكتوراه في الاقتصاد الزراعي (1981).
عمل معيدًا بكلية الزراعة (جامعة عين شمس) ثم انتقل إلى العراق للعمل مدرسًا بكلية الزراعة ببغداد، ثم خبيرًا اقتصاديًا في بعض بيوت الخبرة العالمية، إلى أن أسس وأدار مجموعة فودة الاستثمارية المتخصصة في دراسة تقويم المشروعات.
أسس دار فودة للتراث، وكان عضوًا في اتحاد كتاب مصر، وفي جماعة التنوير، وفي جماعة «مكاشفة» الفكرية، وأسس حزب المستقبل.
كانت له مناظرات فكرية مع الشيخ محمد الغزالي، ومأمون الهضيبي، ومحمد عمارة، وسليم العوا (من دعاة الإصلاح على أسس إسلامية) أبرزها مناظرته الشهيرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب (1992).
حصل على جائزة التنوير من دار الهلال، ومن حزب الوفد الجديد.
أطلق عليه الرصاص عام 1992، فتوفي.

الإنتاج الشعري:
- له قصيدة: «الدوران المر» - مجلة الشعر - وزارة الثقافة والإرشاد القومي - القاهرة - أكتوبر 1964، وقصائد مخطوطة منها (الريح - مواء القطة - وجوه الأرض)، وأناشيد وطنية غناها المطرب الراحل عمر فتحي، فضلاً عن مجموع شعري فقد فيما فقد من أوراقه بعد اغتياله.

الأعمال الأخرى:
- له مجموعة من المؤلفات منها: «قبل السقوط» - إصدار المؤلف - القاهرة 1985 ( 8 طبعات)، والسقوط - إصدار المؤلف - القاهرة 1985، والطائفية إلى أين؟ (بالاشتراك) - دار المصري الجديد للنشر - القاهرة 1987، والإرهاب - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1992 فتوفي.
شاعر تفعيلي، مقل في نتاجه الشعري، قصائده انعكاس لأفكاره ورؤيته لمجتمعه، يميل إلى الاعتماد على الرمز، والتردد بين الشك واليقين، وفي صوره كثير من الضبابية، لغته تكاد تقترب من لغة الفلسفة حيث تأخذ طابعًا مغرقًا في الغموض.

مصادر الدراسة:
- زيارة قام بها الباحث محمود خليل لمنزل المترجم له، ودار فودة للتراث، ومقابلات مع بعض أقارب المترجم له وأصدقائه - القاهرة 2003.

الدوران المرّ

ها نحن ندورْ
دوّامةَ خوفٍ وكآبه
والمحورُ كأسٌ وصبابه
أرجُلنا صهرتْها الأنغامْ
فسَبحْنا في النغم المصهورْ
نتلمّس قبسًا من نورْ
نتلمّس أصداءَ الكلمه
شوقٌ وحنانٌ ومحبّه
ما أجوفَ أصداءَ الكلمه!
ما أعجزَ من يطلب نورًا فيخرُّ
صريعًا للظلَمه!
ويدورُ يدورْ
ورنينُ الصوتِ المسحورْ
في القلب يرتّل آهاتِه
قفْ وتمَلملْ
من قيدكَ إن شئتَ تَحلَّلْ
وتُردّد أصواتُ الأصداءْ
ضحكاتِ السخريةِ المرّه
«شوقٌ وحنانٌ ومحبّه!»
ويدور يدورْ
ويسبّ ويلعن ثم يدورْ
لا شيءَ سوى الدورانِ المرْ
قد كُتِب علينا أن نبقى
في داخل سجنٍ مسحورْ
بابٌ وثلاثة جدرانْ
والبابُ أمانٍ مصلوبه
مجنونٌ هذا؟ ما خَطْبُه؟
وأشار القومُ إلى الجدرانْ
وبوجهٍ كالماء الساكنْ
وبهمسٍ يخجل من هَمَسَهْ
ردّدتُ الكلماتِ الصلبه
شوقٌ وحنانٌ ومحبّه؟
شوقٌ وحنانٌ ومحبه؟
وأشار إليها الأقوامْ
قد كانت يومًا ما حُبَّه

وجوه الأرض

الأرضُ لها أكثرُ من وجهٍ
فبأيّ وجوهِ الأرضِ نُطلْ؟
وإذا مرَّ الإنسانُ بأرضٍ
فبأيّ بقاعِ الأرضِ يحلْ؟
وإذا غارت عيناكَ برأسكْ
وأطلّتْ كلُّ الأبراجِ بنحسكْ
هل تزداد خُطاك على الأرض مراحًا
أم أن خطاكَ تَقِلْ؟
وإذا سرتَ شريدا
ومضيتَ طريدًا ووحيدا
ترفع قدمًا يُثقلها يأسُ الأرضِ جميعًا
والقدم الأخرى لا تعرف أين تزلْ
ووحيدًا تمضي
لا تعرف في أيّ وجوهِ الأرِضِ تُطلْ
أشباحٌ لا تصرفها إلا النارُ
تحاصركَ فتمضي كالإعصار الجارفِ
لا يعرف حدّاً أو قيدا
لا يعنيه العصفُ
ولا يطويه الخسفُ
ويمضي لا يرهب شيئًا حتى الموتَ
ولا يركن للراحة أو يحتكّ بظلْ
لا يُوقفه الخطوُ الزاحفُ
فالأرضُ لها أكثرُ من وجهٍ يتلألأ في مرآة الشمسِ
ويحلو خطوُ الطرقاتِ جميعًا نحو اللاشيءِ
ويحلو أكثرَ حين يضلْ
وبرغم عيونِ السالكْ
يتساوى الصبحُ الأبيض والليل الحالكْ
يتوازى المنقذُ والهالكْ
فالأرضُ لها أكثر من وجهٍ
فعلى أيّ وجوه الأرضِ نُطلْ؟
وبأيّ بقاعِ الأرض نحلْ؟

الريح

البردُ والشتاءْ
يُقيّد السماءْ
وكلّما هممتُ أن أسيرْ
ترتدّ خطوتي إلى الوراءْ
والريحُ في فراغها البعيدْ
لا تعرف الحقيقه
تزمجر الرياحُ في فضائها الكبيرْ
مخيفةً مُخيفه
وتختنقْ
لكنها تعود للعواء والبكاءْ
لأنها لا تعرف الحقيقه
فتضرب الفراغَ من نُواحها
كأنها السفائن الغريقه
الليلُ والعراءْ
وشاطئُ الغناءْ
يلوح في المنام كالهواجس السحيقه
ويُنعش القلوبَ والعواطف الرقيقه
الموتُ والشتاتْ
وساعةُ المواتْ
تطلُّ من عيونها لتطلقَ النكاتْ
وتنشرَ الهراءَ والخزعبلاتْ
لتهدمَ الأسوارَ حول هذه الحديقه
فالريحُ في فراغها
لا تعرفُ الحقيقه