فيليب الراسي

1411-1348هـ 1990-1929م

سيرة الشاعر:

فيليب بن إسكندر الراسي.
ولد في سيراليون، وتوفي في قرية الشيخ طابا (منطقة عكار - شمالي لبنان).
عاش في سيراليون ولبنان والسعودية والبحرين.
تلقى معارفه الأولى في تكميلية مدينة حلبا الرسمية - منطقة عكار، ولم يكمل تعليمه النظامي غير أنه انكب على المطالعة معتمدًا على نفسه في التحصيل.
أتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى جانب العربية على يد أساتذة متخصصين.
عمل موظفًا في مركز الهاتف بمدينة طرابلس (1949) غير أنه سرعان ما ترك الوظيفة بسبب انشغاله السياسي ليعمل في صف الأحرف بعدة مطابع في المدينة نفسها، ثم في بيروت، وفي أواخر الخمسينيات سافر إلى السعودية للعمل، ثم إلى دولة البحرين حيث عمل مديرًا لإحدى المطابع عشرة أعوام.
انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني في سن مبكرة، وكان أحد الناشطين البارزين في صفوفه.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «أغنيات للحب والقمر» - مطبعة فؤاد بيبان - جونيه 1975، وله قصائد نشرت في صحف البحرين بين عامي 1979 و1989 - بخاصة أخبار الخليج والأضواء والأيام، وله ديوان مخطوط في حوزة أسرته بالشيخ طابا.

الأعمال الأخرى:
- له عدد من المؤلفات منها: «كتاب في العمل القصصي» - دار الخليج العربي - البحرين 1961، و«الخبز الأبيض» - مجموعة قصصية - مطابع صيقلي - بيروت 1967، إضافة إلى عدد من المقالات نشرتها صحف عصره.
يدور شعره حول التعبير عن رغبته في السفر والارتياد مستجيبًا في ذلك لتعطشه إلى المعرفة والكشف، وقصيدته «عودة السنونو» تجيء شاهدًا على ذلك، مظهرة لتأثره البادي برحلة السندباد في ألف ليلة وليلة، ورحلة السيمرغ أي رحلة الثلاثين طائرًا في منظومة منطق الطير لفريد الدين العطار. يميل إلى استخدام الرمز واستثمار الأسطورة، وله شعر يعبر فيه عن ارتباطه بالأرض - الوطن - إلى جانب شعر له في التذكر والحنين إلى وطنه لبنان. بشعره تدفق رومانسي حالم يسعى إلى الوصال والتحقق مع من يحب. المرأة لديه حلم شفيف عابر، تمثل الجمال على هذه الأرض. يتميز بتدفق لغته، وجدة صوره، وطرافة خياله، كتب الشعر ملتمسًا خطى الحداثيين، مع هذا يستجيب لما توارث من الأبحر والتفاعيل مع ميله إلى التقفية التي تعكس أصالة شعرية لديه.

مصادر الدراسة:
1 - نزيه كبارة: أدباء طرابلس والشمال - دار مكتبة الإيمان - طرابلس 2006.
2 - لقـاء أجراه الباحث محمود سليمان مع أسرة المترجم له - طرابلس 2006.

عودة السنونو

عاد السنُّونوُّ المطوِّفُ
من سَفَرْ
عينٌ على جرحي،
وعينٌ في القمرْ
يعصرُ لي الدواءْ
من كرمةِ الضياءْ
خمرًا معتَّقةً
وطِيبْ
والآهُ من صدرِ حبيبْ
جرحي
ويَحلَوْلي السّرابُ - الوعدُ
من نبع العذوبهْ
وأنهلُ
فأثملُ
يا نهرُ ، ها أحيا دَبيبَهْ
القمر المرميُّ
- مع شقِّ السحرْ -
قبسًا، على هدبِ السنونوِّ،
استراحْ
كفراشةٍ
حطّتْ
فما رفّ جناحْ
وإذِ السنونوّ استفاقْ
وهَمَّ، وجدًا للعناقْ
آهٍ على قلبي
وآهٍ للقمرْ
رَفُّ جناحيه وعودٌ
وحكاياتٌ - كما الجنّ -
تُمنِّي،
وتعيدْ
هات المزاهرَ،
والصنوجَ الصُّفرَ،
والكاساتِ
نُحيي - العمرَ -
موكبَ الفرحْ
بالطَّيِّبِ الأعرافِ
بالطلقِ الحِدا
ونرسمُ الأفقَ بألوان قُزَحْ!
الأنجمُ الزُّهْرُ
مطايانا
ونغرقُ في هيولى
بلا زمانِ
بلا حدودْ
دعْ كلّ ما هو ينتهي
مآله إلى زوالْ
خلِّ الكفاحَ يقودنا
فيه القتالُ إلى قتالْ
واقْفِل جراحَكَ
اطّرحْ
عنك تكاليفَ الحياهْ
بئس الحياةُ
إن استوتْ
رِممًا
وبعضَ ذكرياتْ!
أوّاهُ
يا نكّاءةَ الجراحْ
يا طائري
يا مُطلق السّراحْ
حدِّقْ
تراني، ما أنا
روحًا سديميَّ البنى
أنا فرخُ سنديانةٍ
ساقٌ يطاولُ
والجذورْ
نحَّاتةٌ
في التربة المعطاءِ
في قلب الصخورْ
أنا ابنُ هذي الأرضِ
مشدودٌ لها
بالطينِ
بالنسم الإلهِ،
وبالفداءْ
من مطهرِ الآثامِ
والآلام،
في كبدِ السّماءْ!

الحزنُ.. وأشياء الحياة

الشَّوقُ
يغلبني على أمري
ولا أدري
إلامَ يسوقُني هذا الجوى؟
مزّقتُ قلبي
منذ أن طُوِّحتُ أوراقَ خريفٍ
نائحهْ
هلك الهوى!
عينايَ
مفرغتان في عرضِ الجدارْ
هناك مسمارٌ تآكلَ بالغبارْ
والصورةُ العليا
تميلُ إلى يسارْ
وفراشةٌ
تُجري مع النور حوارْ
وتُطوِّفُ الفراشةُ الغريرهْ
غريرةً
كطفلةٍ صغيرهْ
كقبلة الطَّلِّ
على خدِّ الزَّهَرْ
وضحكةِ الشمسِ
على وجه النَّهَرْ
حملتْ أطاييبَ الحقولِ،
ريانةً
كزهرةٍ بتولِ
فراشتي المولَّههْ
يا طفلتي المؤلّههْ
إن تحرقي جنحَيْ جمالْ
- عبدتُ -
بالنورِ المحالْ
ما يفعلُ القمرُ المشوقُ
إلى السَّمَرْ
والقلبُ
جُنَّ الشوقُ فيه إلى القمرْ؟!