محمد أبوشادي

1344-1281هـ 1925-1864م

سيرة الشاعر:

محمد بن مصطفى بن أبي شادي الدحدوح.
ولد في ناحية قطور (محافظة الغربية) ، وتوفي في القاهرة.
عاش حياته في مصر.
حفظ القرآن الكريم في كتّاب القرية عام1873م، ثم ألحقه أبوه بالأزهر، فاستمر فيه حتى عام 1880م، ثم واصل سعيه لطلب العلم في الجامع الأحمدي بمدينة طنطا، غير أن ظروفًا ما حالت دون استمرار رحلته مع الدرس، فاضطر إلى العمل.
عمل محاميًا في مدينة طنطا حتى عام 1886. توجه بعدها إلى الوجه القبلي متابعًا عمله في المحاماة حتى عام 1892، وفي عام 1897 عاد إلى القاهرة مواصلاً عمله بالمحاماة ونضاله الوطني والاجتماعي والثقافي، وتولى نقابة المحاماة فترة من الزمن.
أصدر مجلة «الإمام» الأسبوعية عام 1905، ثم أصدر صحيفة «الظاهر» اليومية، كما تولى رئاسة جريدة «المؤيد» مدة من الزمن.
كان عضوًا بالحزب الوطني على عهد مصطفى كامل، كما نال عضوية مجلس النواب عن حزب الوفد. وكان أحد الأعضاء البارزين في الثورة المصرية عام 1919 - وقد عانى السجن والاعتقال لقاء مواقفه الوطنية ضد المستعمر.
شُهد له بالكفاءة القانونية، وكان سببًا في تغيير بعض القوانين.
اشتهر ببراعته في الخطابة، وكان مهتمًا بالنهضة التمثيلية والمسرحية في البلاد.
هو والد الشاعر «أحمد زكي أبوشادي» رائد جماعة أبولو ومؤسسها أوائل ثلاثينيات القرن العشرين.
كانت له ندوة أسبوعية يعقدها في بيته بحدائق القبة كل خميس، يؤمها لفيف من كبار الأدباء أمثال: مطران، وحافظ إبراهيم، وأحمد محرم، وحسن القاياتي، وغيرهم.

الإنتاج الشعري:
- له مجموعة شعرية جمعها نجله تحت عنوان: «محمد أبوشادي - دراسة أدبية تاريخية» - وصدرت عن مطبعة حجازي عام 1933 (وقد جمعت شعره، وما قاله الشعراء في رثائه)، وأورد له كتاب «مرآة العصر في تاريخ ورسوم أكابر الرجال بمصر» قصيدتين من شعره.

الأعمال الأخرى:
- له عدد من المؤلفات منها: «ردود محمد أبوشادي على مطالب القبط» - المطبعة اليوسفية - القاهرة 1911، وكتاب «الإحكام في الأحكام» - مخطوط مفقود، و«كشف المستور»، رسالة صوفية، وكتاب «الشريعة والقانون» - مخطوط مفقود.
يدور شعره حول عدد من الأغراض الموروثة، كالرثاء الذي يجيء ممتزجًا بالمدح، وقد اختص بجُلِّه الأسرة الخديوية إلى جانب مرثيته للزعيم «مصطفى كامل» الذي بكاه بأحر الكلمات. وله رثاء طريف في حصان له نفق. كما كتب في الوصف الذي لايخلو من الطرافة أيضًا. وله شعر في المناسبات الإخوانية والتهاني. تتسم لغته بالتدفق واليسر، وخياله بالجدة. كتب الشعر على الطريقة التقليدية.
رثاه من الشعراء: خليل مطران، وحافظ إبراهيم، وعبدالمحسن الكاظمي، وأحمد محرم.
لقب بشيخ المحاماة، كما حاز البكوية.

مصادر الدراسة:
1 - إلياس زخورة: مرآة العصر في تاريخ ورسوم أكابر الرجال بمصر - المطبعة العمومية - القاهرة 1897.
2 - خيرالدين الزركلي: الأعلام - دار العلم للملايين - بيروت 1990.
3 - روكس بن زائد العزيزي: محمد أبوشادي - محاضرة ألقاها في معهد النهضة - عمان 1952.
4 - عبدالحميد البلادي: محمد أبوشادي دراسة أدبية تاريخية - مطبعة حجازي - القاهرة 1933.
5 - محمد عبدالمنعم خفاجي: أحمد زكي أبوشادي رائد الشعر الحديث - المطبعة المنيرية - الأزهر 1953.
6 - الدوريات: - أحمد زكي أبوشادي: كوكب الشرق - القاهرة - يوليو 1926.
- جريدة البلاغ: حفلة تأبينه - القاهرة - 23 من يوليو 1925.

ليل الصَبّ

سَمَروا في الرّوض يَجْلون العُقارا ________________________________________________________________
ويغنّونَ على تيهِ العَذارَى _______________________________________________________________
نثروا النّورَ على البُسْط وقد ________________________________________________________________
نثرَ البدرُ من النوّر نُضَارا _______________________________________________________________
وجرَى الماءُ على جانبهم ________________________________________________________________
يتركُ الوردَ فيلقى الجُلَّنارا _______________________________________________________________
وسرَى من بينهم عِطْرُ الصَّبا ________________________________________________________________
راويًا عنهم هواهم حيثُ سارا _______________________________________________________________
وُدُّهم أثمرَ في مَنْ خالطوا ________________________________________________________________
فجَنَوا من لذّة الوصْلِ ثمارا _______________________________________________________________
ليلُهم في صَحْوهم في سُكْرهم ________________________________________________________________
غيرُ ليلي مُسهَدًا في الصّدرِ نارا! _______________________________________________________________
أشرب الوجْدَ على سِرِّ الجَفا ________________________________________________________________
وأناجي هاجرًا خانَ الذِّمارا _______________________________________________________________
ثم يَثْنيني عن الهمِّ رَجَا ________________________________________________________________
مَوْعدٍ هَمِّي به يأبى القَرارا _______________________________________________________________
أسأل الغربَ عن الفجر، وقد ________________________________________________________________
طال ليلي وحسبْتُ الشّرقَ دارا _______________________________________________________________
فإذا الأفلاك في مِحْوَرها ________________________________________________________________
وإذا الصّبُّ الذي ضَلَّ وحارا! _______________________________________________________________

من قصيدة: ورد الربيع

ولَّى الربيعُ مُعلِّلي
بسعادةٍ لم تَكْمُلِ
مَن لي وقد فاتَ الصِّبا
برجوعِ عهدي الأوّل؟
فبكَيتُ أيامَ الشبا
ئبِ يرتقبنَ تَغزُّلي
وسقَيتُ تَذكار الصِّحا
بِ، بمَدمَعٍ لم يَذْلُل
ولئن مضَى عهدُ الربيـ
ـعِ بلهْفة المتعَجِّل
ونأى بألْباب الجميـ
ـعِ، فزهرهُ لم يَذْبُل
ما لي أرى مَلِكَ الأزا
هِرِ، في الحضيضِ الأسفل؟
وأرى له فَلَكَ الزوا
هرِ، كاد يَسْقطُ مِنْ عَل؟
يا وردُ يا أُنْسَ النّفو
سِ، ورُقْيةَ المتدلِّل
قد قبَّلوك لدى الكؤو
سِ، فدتْكَ نفْسُ مُقَبِّل
تشتاقُ طلعتَكَ البهيْـ
ـيَةَ مُقلةٌ لم تَغْفل
وتزورُ روضتَك السنيْـ
ـيَةَ كلَّ صُبحٍ مُقْبِل
يا وردُ أنتَ سَنا العُيو
نِ، إذا الدُّجَى لم يَنْجَل
مرآكَ تسليةُ الحزيـ
ـنِ، وفكرةُ الـمُتَأمِّل
لونٌ يَجول خلالَه
خَفَرُ الفَتاةِ لـمُجْتَلي
لكنَّما في طَيِّه
مَغْنَى الرجاءِ الأكْمَل
فكأنّه شَفَقُ الصَّبَا
بةِ، لاح في القلبِ الخَلِي
أو أنه نورُ الصّلا
حِ وغُرَّةُ المتهلِّل
أحيَيْتَ من مَيْتِ النفو
سِ بنفْحةٍ لم تُمْلَل
وأزلتَ أشجانَ العُبو
سِ، وكنتَ خيرَ مُؤَمَّل
لك نفحةٌ عِطريّةٌ
عبثتْ بقلْب الجَنْدَل
وإذا بدتْ في موضعٍ
أزْرَتْ بطِيْبِ الـمَنْدَل
تتسارع الأقوام نحْـ
ـوَ مكانِها المتجمِّل
وجميعُهم يبغون صَفْـ
ـوَ عبيرها المستَرْسِل
سارتْ إلى كلّ البلا
دِ، كتُحْفَةِ المتفَضِّل
وتغلغلتْ بين العِبا
دِ، ولم تَدَعْ مِنْ مَحْفَل
يا وردُ كم لك من يدٍ
غرّاءَ عند البلبل
ومحامِدٍ مأثورةٍ
بين الورى لم تُجهَل
حرّكتَ شوقي للقريـ
ـضِ فعادَ بعدَ تحوّل
وحللتَ في القلب المريـ
ـضِ وكان عنك بمعزل
وسرى بنفحتك النسيـ
ـبُ إلى المُحبِّ المعْوِل
وأذاع شُهرتَك السّديـ
ـمُ إلى السِّماك الأعزل