كمال سبتي

1427-1374هـ 2006-1954م

سيرة الشاعر:

كمال بن سبتي بن إبراهيم الناصري.
ولد في مدينة الناصرية (العراق)، وتوفي في هولندا.
قضى حياته في العراق وأسبانيا وهولندا.
أتم دراسته الابتدائية في مدينة الناصرية، فالمتوسطة، حتى نال شهادتها عام 1969، ثم قصد بغداد، فالتحق بمعهد الفنون الجميلة، وتخرج فيه حاملاً شهادة في الإخراج السينمائي عام 1974، ثم واصل تعليمه بأكاديمية الفنون الجميلة، ولم يكمل فيها، فالتحق بالجندية، ثم هرب منها إلى أسبانيا، حيث أكمل دراسته في جامعة مدريد المستقلة، ثم طلب اللجوء السياسي في هولندا، وظل فيها يعمل بالكتابة حتى رحيله.
كان عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب.
شارك بشعره في المهرجانات الشعرية والمحافل الأدبية.

الإنتاج الشعري:
- له دواوين عدة مطبوعة منها: «وردة البحر» - وزارة الثقافة والإعلام - بغداد 1980، و«ظل شيء ما» - وزارة الثقافة والإعلام - بغداد 1980، و«حكيم بلا مدن» - وزارة الثقافة والإعلام - بغداد 1986، و«متحف لبقايا العائلة» - وزارة الثقافة والإعلام - بغداد 1989، و«آخر المدن المقدسة» - بيروت 1993، و«آخرون قبل هذا الوقت» - دمشق 2002. شاعر مجدد، كتب الشعر المرسل، موسوم بعمق المعنى وكثافة التعبير، له خيال مركب متداخل في صوره، إذ تجعل قصيدته متماسكة في بنائها، فتبدو القصيدة مثل دفقة شعرية واحدة متعددة في معانيها، وقد تنزع إلى السرد، فتشتبك مع التاريخ أو الأسطورة أو الطبيعة التي تحضر مفرداتها بقوة، فتكسب قصيدته مسحة وجدانية رقيقة، ومجمل شعره يصدر عن ذات مؤرقة تناجي وتتأمل وتتساءل في فضاء زمني ومكاني واسع، متنوع في ملامحه ومعطياته وتأثيراته في ذاته الشاعرة.

مصادر الدراسة:
1 - صباح نوري المرزوك: معجم المؤلفين والكتاب العراقيين - بيت الحكمة - بغداد 2002.
2 - الدوريات: نصيف الناصري: نشيد حب إلى كمال سبتي - جريدة الصباح - عدد 827 - بغداد 7/5/2006.

مقطع من قصيدة الماء

دَعْهُ ليس الآن ماذا؟
دَعْهُ
هذا ساحرُ البحر، وما في الليل
من هجر
على الأبواب قد علّق تذكارًا
وآوى صحبة الأمس
فما قرب نايًا لسوى البرِّ
وقال الناي شطآني
فكونوا نجمة الشطآنِ
أو عودوا وأنتم صحبة التذكار
هل يُنسى
فتأتون بغير الدفِّ؟
هل يرمى
لتنهالوا على أحجاره بالفأس
يا جدرانَهُ كوني جِبالاً
يا لياليه الدموعْ
فهو في الطوق بنى ظلاً
وفي الظل بنى ليلاً
وساوى بين بعد البحر والذكرى
ونام
دَعْهُ، في السفنِ الراسيهْ
خلّدَ المدنَ، اقتربتْ
وهو مبتعدٌ
وتمنتْ طريقًا إلى ذعرِهِ
وهو منشغلٌ بالتذكر
كان ينامُ الليالي وحيدًا
فخذه إلى السفن، اقتربَتْ
وهو مبتعدٌ
كان في السبخِ، القلبُ يكتبُ
هذي طريقي
فيرسمُ نأيَ بلادٍ
سيعرضُ عنها الذبول
من الماضي، إلى الأجل المسمّى
رمى هذي البراري بالـمَطَر
ونادى الحقلَ أن ينشقَّ
والمدنَ البعيدة أن تلوحَ،
هُوَ الليالي،
والموانئ في الليالي
والمسافر كل عام
والقطارات الحزينة
من الماضي إلى الأجل المسمَّى
وهو منشغل بما يأتي
وأسراب الدخان تلوح
هذا سيد الصحراء هل تأتون؟

القصيدة

من يبعدُ الشعراء عن هذي المدينةِ؟
كان أفلاطون يسألُ
والمدينةُ بعدُ لم تهدأْ
ولم تخرجْ من الكلماتِ
لم تسمعْ سوى صوتٍ من الغاباتِ
يخلقُ مركبًا للبحرِ مسحورًا،
وأغنيةً يرددها الشراعُ
الآن أَقبلْ يا بنيَّ وغيِّر الأحجارَ،
غيّرتُ، انطلقتُ
وهذه الأحجارَ
لم أحفل بعتمة كل بحرٍ
هكذا أبصرتُ
أفلاطونُ يسألُ،
والمدينةُ بعدُ لم تخرجْ من الكلماتِ

من قصيدة: غابة في نهر

أمضي مع الطريق يا جمرتي، أمضي
كأن بابيَ الصخرُ لم يفتحْ
رأيت دمعتي تنتهي لتبدأَ،
انتظرتُ صوتًا من الأحجار ما جاءَ
ابتعدتُ، انسللتُ بالضحى إلى هواء المدينةِ
الصديق ميّتٌ والغبارُ شكلُ وردةٍ
تعالَ، ابتعدت مرَّة أخرى
سمعت الذي في الغابةِ انتهى بدمع الليالي
وذعرتُ
كيف لي أن أكون قربَكِ؟ ابتعدْ
سمعت الذي في البعد علم الكلامَ الخروجَ
ما ابتعدتُ صرتُ أمضي سعيدًا بالمدى،
بحَيرتي كيف لي يا صوت أن أكونَ كالريح؟
أمضي وحدتي سيدةٌ دمعُها ما جفَّ بعدُ
يا للبعدِ
يا حيرةَ شعري
حزينٌ ووحيدٌ،
قبلَ عامين كنتُ أعرف الذكرى
ربيعًا ونهرًا،
تنتهي زرقاءَ في البعدِ
يا للبعدِ
زرقاءَ كروحي كنهرْ
لم ندركْ طفولَتنا
سمعنا صرخة في الليلِ
فلنتركْ ضفاف النهرِ قلنا،
أول الشعراءِ قال
حسنٌ ولا تنسوا طفولتنا
أنا السعيدُ دمعةُ النهر، أمضي سفنٌ
تغرق والميّت الأحجار
لا شيء سينسى ولا شيءَ سيذكرُ
انتظرني هناك في الضفاف قرب موتي القديمِ
انتظر النساءَ يحملن غابة الصديقِ
أو يقلنَ الكلام المرَّ
لا تحزنْ كثيرًا سيأتي سيّدٌ أعمى
وينهالُ بالضربِ على الضفاف،
لا تقتربْ منه، سيبكي والنساء، انتظرني