كمال عمار

1426-1351هـ 2005-1932م

سيرة الشاعر:

محمد محمد عمار.
ولد في مدينة ميت غمر (محافظة الدقهلية)، وتوفي في القاهرة.
قضى حياته في مصر، كما زار الكثير من الدول بحكم عمله الصحفي.
التحق بالأزهر، فحصل فيه على شهادة الثانوية الأزهرية، ثم التحق بكلية اللغة العربية بالقاهرة، وقبض عليه عام 1959 في أحداث سياسية ودخل المعتقل ولم يكمل دراسته.
عمل محررًا بمجلة العالم العربي، ثم صحفيًا بجريدة المساء، واستمر بها حتى زمن رحيله.
كان عضوًا في جمعية دار الأدباء، وعضوًا برابطة الأدب الحديث، وعضو اتحاد كتاب مصر.
نشط في كتابة الأناشيد الوطنية وأغاني المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية والمسرحيات، ومن أهم أناشيده، نشيد: «الله أكبر» الذي واكب حرب أكتوبر.

الإنتاج الشعري:
- له خمسة دواوين مطبوعة: «أغاني الزاحفين» - دار النشر الجديدة - القاهرة - 1956، و«أنهار الملح» - دار الكاتب العربي - القاهرة - 1968، و«صياد الوهم» - الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر - القاهرة - 1971، و«ما أبقت الأيام»، و«من علمك الحكمة يا» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - 1982، وله قصائد متفرقة نشرت في صحف ومجلات عصره منها: «وسعيت إلينا في اليوم التالي» - عن رحيل جمال عبدالناصر - مجلة الأدباء العرب - أكتوبر 1971، و«رحلة الألف ميل» - جريدة المساء - القاهرة - 16 من مايو 2005، و«قلبا روحا جسدا» - مجلة الشعر - القاهرة - أبريل 1977.

الأعمال الأخرى:
- له عدة مؤلفات إذاعية وتلفزيونية.
شاعر مجدد، كتب الشعر المرسل محافظًا على النسق التفعيلي، شعره أقرب إلى الاتجاه الوجداني، يشيع فيه طابع المناجاة أحيانًا، غير أن الرمز أبرز
عناصر تجربته الشعرية، فأكثر شعره فيه إسقاط على الواقع ومعانيه السياسية والاجتماعية، وقد ينزع إلى الأمثولة على نحو ما نجد في قصيدة «من علمك الحكمة يا ثعلب»، مجمل شعره يعكس فطنة في التلميح بالمعاني، كما يعكس ثقافة واسعة بالتاريخ، وهو شاعر له قريحة متوهجة، طلق المعاني، فياض في أساليبه، متنوع في إيقاعاته، حسن السبك، سلس اللفظ، له خيال متراوح بين الطريف والمبتكر والقريب والشائع.11/5/2005.

مصادر الدراسة:
1 - غالي شكري: شعرنا الحديث إلى أين؟ - (ط3) - دار الشروق - القاهرة - 1991.
2 - الدوريات:
- مجاهد عبدالمنعم مجاهد: الذي شجعني على كتابة الشعر - جريدة المساء - 11/5/2005.
- محمد إبراهيم أبوسنة: قائد العميان ابن البؤس والمرح - جريدة المساء -

صياد الوهم

حين رميت شِباكي في بحر الرؤيا الكاذبْ
صادت أقمارًا وشموسًا وكواكبْ
وا أسفاه
ها أنذا في السجن الأولْ
أمضغ في أحداث اليوم الغارب
مَنْ يكرهني أدفع ثمن الكرهِ الدامي
من يرغبني أدفع ثمن الرغبةِ من أيامي
يا أبتاه حُبُّك ما أقساه!
قلتَ لي اصمتْ لا تقصص رؤياكْ
لكنك لم تصمتْ
عيناكْ
أفصحتا عما في القلبْ
يا أبتاه
أضحك أم أبكي في هاويةِ الرعبْ؟!
سيدتي تُكثرُ في التعريض وفي الإيماءْ
أعرف ما تعنيهْ
لكنِّي أمضي فيما كنت سأمضي فيهْ
من أسباب
حتى كنا ذات مساءْ
أمرتني بالنبرات المرتجفه
أن أغلق شبَّاك الغرفة
حين فعلت أدارت قُفْلَ البابْ
وانتظرتْ أنْ أبدأ
لكني كنت أَسيرَ الرهبةِ والإعياء
وأنا أبصر نفسي في أعماقِ الجُبِّ
ها أنذا في السجن الثاني
تضحك من أحلامي الجدرانُ الصماء
وأنا أبحثُ عن أصحابي القدماء
الأول يَعصر خمرًا للغير
والثاني يحمل خبزًا تأكل منه الطيرُ
لكنَّ الأيام تروح تجيء بلا أيام
وأنا وحدي من لا يعلمُ أنَّ السجناء
في العام السبعين
من هذا القرن العشرين
لا يكترثونَ لمعنى الأحلام!

أنهار الملح

لا تقولي أيَّ شيء
ربما أجدى السكوتْ
ولنجربْ لحظة الصمتِ ففيها
ألفُ معنًى لا يموتْ
نحن قلنا
والذي قلناه في الصبحِ
أتانا في المساء
جثةً باردةً دون غطاءٍ
يا إلهي!
من سقى الألفاظَ سُمّاً
وأحال البلبل الغريد تمثالاً أصمّاً
الرياء
أم عيونُ الأصدقاء
أم تراه حظنا يضحك مما
قد بنينا في الهواء!
لا تقولي أيَّ شيء
نحن غنينا بما فيه الكفايهْ
قلتُ عنك الصبح
والأطيار
والزهر الموشّى
قلتِ عني نجمك الطالع في ليل
الحيارى
وعلى غير انتظار
دون أنْ تطرف عين الليل
أو يغشى النهار
كان في أنحاء روحي يتمشَّى
الذي لا أعرف اسمه
سدَّ بالملح عيوني
وبنى للهمِّ عُشّا
لا تقولي أي شيء
وعلينا الآن أنْ نحمل نَعْشَ
الكلمات
فالذي قلناه عن الصبح
ماتْ!

من قصيدة: قلبًا.. روحًا.. جسدًا..

لا لم يحدث أبدا
لم أر منكم أحدا
رجلا أو سيدة لكني أعرفكم
وأكاد أصافحكم مقتربًا مبتعدا
من ألفَيْ عام
لا أعرف غيرَ اللغة العربية
أجدادي الجاحظ المتنبي وأبو تمامْ
وصلاح الدينْ
لم أتعرف حتى الآن «بِجانْ بولْ سارْتِرْ»
أو «كافكا» أو «مِستِرْ توم بِينْ»
ألقاهم عند يمين الصفحة أتملاهم أشهدْ
كيف تموج اللهجات وتتعدَّدْ
ثم تعوجُّ وتلتفُّ وتتوحَّدْ