ميخائيل بن يوسف نعيمة.
ولد في بلدة بسكنتا (لبنان)، وتوفي فيها.
عاش في لبنان وفلسطين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
تلقى علومه الأولى في مدرسة البلدة منهيًا فيها دروس الكراس الأول من مزامير داود، فحصل بذلك على ما سمي بالشهادة الطوباوية نسبة إلى مطلع المزمور
الأول. وفي عام 1899 التحق بالمدرسة الأرثوذكسيّة لتلقي مبادئ اللغة الفرنسية، وبعدها بالمدرسة الروسية، وفيها تلقى اللغة والحساب والجغرافيا والتاريخ، إضافة إلى مبادئ اللغة الروسية، مدة ثلاث سنوات، ثم هناك التحق بدار المعلمين الروسية في مدينة الناصرة بفلسطين 1902 تلميذًا داخليًا مدة أربع سنوات على نفقة الدولة
الروسية تقديرًا منها لتفوقه، فتلقى اللغة العربية على درجة من التخصص.
سافر إلى روسيا عام 1906 بعد أن وقع عليه اختيار رئيس دار المعلمين لمتابعة تحصيله العلمي العالي هناك، فدخل مدرسة السّمنار الروحي، وهي مدرسة فوق الثانوي بقليل يمتد برنامجها ستة أعوام؛ وقد تكفلت بتغطية نفقات دراسته الجمعية الامبراطورية الفلسطينية.
أقنعه أخوه الأكبر في نهاية عام 1911 بالسفر إلى أمريكا لتحضير دروسه العالية، ومنذ ذاك العام بدأت مرحلة من أهم مراحل حياته، أمضى خلالها اثنين وعشرين عامًا، التحق في بدايتها (1912) بجامعة واشنطن لدراسة الحقوق، وفي عام 1916 تخرج في الجامعة حائزًا على إجازتين إحداهما: في الحقوق، والأخرى في الآداب، وفي
عام 1919 تقدم وهو جندي في الجيش الأمريكي بطلب للالتحاق بجامعة السربون، فإذا بالحلم يتحقق، فقد أرسل مع مجموعة من الجنود الأمريكيين إلى فرنسا ليلتحق بجامعة «رين» بدلاً من السربون ممضيًا فيها أربعة أشهر، عاد بعدها إلى منطقة «والا والا» القريبة من واشنطن منهيًا بذلك دراساته وتحصيله العلمي وهو في الثلاثين من العمر.
التحق في بداية حياته بالخدمة الإجبارية في الجيش الأمريكي من خلال الجبهة الفرنسية، فأمضى هناك العام الأخير من سني الحرب العالمية الأولى، وفي عام
1919 عاد من الحرب فعمل مستخدمًا في محل تجاري، ليعود بعد ذلك إلى لبنان في عام 1932، ويستقر في قريته بسكنتا - حيث مزرعة له ورثها عن أجداده - ممضيًا يومه في زراعة الأرض، أو مؤثرًا العزلة في أحد الكهوف حتى أطلق عليه «ناسك الشخروب».
التحق بالعقيدة الماسونية بعد أن شجعه على ذلك شقيقه أديب، وما لبث أن خرج منها بعد إدراكه وصولية معظم المنتمين إليها، فيما عدا ذلك فإنه لم يتصل بأي
نشاط حزبي أو سياسي طوال حياته.
اعتنق مبكرًا عقيدة التقمص من صديق اسكتلندي عضو في الجمعية الثيوسوفيَّة، مما أسهم في توسيع آفاق تفكيره الفلسفي والتأملي في حقيقة الإنسان
ومآله في هذا الكون.
أسهم في تأسيس الرابطة القلمية في نيويورك، فوضع لها دستورها، ونظامها، ومهماتها، وكان قد شارك في تحرير مجلة «الفنون»، وجريدة «السائح».
يعدّ واحدًا من أهم شعراء المهجر الذين شغلوا بالتأملات الفلسفية الكبرى، وأحيطوا بأسئلة هذا الوجود بقصد تأملها.
الإنتاج الشعري:
- له ديوانان: «همس الجفون» - 1945، و«نجوى الغروب» - 1973، ونشرت له صحف عصره العديد من القصائد، منها: «لو تدرك الأشواك سرّ الوجود» - مجلة المعرض (العدد السابع) - بيروت مايو 1923، ونشرت له مجلة «الرسالة» القاهرية عددًا من القصائد، منها: قصيدة: «ترنيمة الرياح» (عدد 322) - سبتمبر 1939، وقصيدة: «الخير والشر» - مجلد 2 - 1939.
الأعمال الأخرى:
- له روايتان: «لقاء» - 1946، و«اليوم الأخير» - 1963، وله من المجموعات القصصية: «كان ما كان» - 1927، و«في مهب الريح» - 1953، و«أكابر» - 1956، و«أبو بطة» - 1958، وله من المسرحيات: «الآباء والبنون» - 1917، و«أيوب» - 1967، و«يا بن آدم» - 1968، وله في مجال النقد: «جبران خليل جبران» - 1934، إضافة إلى العديد من المقالات منها: «الأوثان» - 1946، و«النور والديجور» - 1950، «وهوامش» - 1965، و«في الغربال الجديد» - 1973، وكتب سيرته الذاتية في ثلاثة أجزاء تحت عنوان: «سبعون» 1959 - 1960.
بشعره نزعة تأملية وجودية تتجه إلى استخدام الرمز متأثرة بانفتاحه غير المحدود على الآداب العالمية الشرقية منها والغربية. وله شعر في الغزل العفيف ذي اللوعة الصادقة، والنجوى العميقة بعيدة القرار، كما كتب في الشكوى المفعمة بحرارة التأمل الرومانطيقي، وله شعر في الحنين إلى معانقة الأشياء والغوص في محارتها الوجودية، يميل إلى استخدام الأوزان البسيطة (الصافية) ذات التفعيلة الواحدة التي يتكرر رويها في نسق توشيحي يعتمد على تنويع القوافي بين المقاطع في شيء من الالتزام والتوافق. تتسم لغته بالتدفق والثراء، وخياله يعمل في توازن دقيق مع فكره.
نال العديد من الجوائز منها: جائزة رئيس الجمهورية اللبنانية عام 1961، وجائزة مدينة بغداد التي تمنحها الأونيسكو عام 1984، وجائزة جواد بولس للآداب عام 1988، إضافة إلى نيله درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة واشنطن.
مصادر الدراسة:
1 - حسن جاد حسن: الأدب العربي في المهجر - دار قطري بن الفجاءة - قطر 1984.
2 - عيسى الناعوري: أدب المهجر - دار المعارف - القاهرة 1977.
3 - محمد عبدالغني حسن: الشعر العربي في المهجر - مكتبة الخانجي - القاهرة 1955.
4 - نجيب العقيقي: مــن الأدب المقارن - مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة 1975.
5 - الدوريات: جريدة الأسبوع الأدبي العدد (812) - دمشق 2002.