نقولا يواكيم

1416-1350هـ 1995-1931م

سيرة الشاعر:

نقولا يواكيم.
ولد في بلدة يبرود (السورية)، وتوفي في مدينة زحلة (لبنان).
عاش في سورية ولبنان.
التحق بمدرسة ماريوحنا الخنشارة للرهبان الشويريين (1943)، فتعلم فيها العربية واليونانية والفرنسية واللاتينية، ثم حصل على شهادة الليسانس في الأدبين: العربي والفرنسي من جامعة القديس يوسف (1955)، كما تعلم الموسيقا البيزنطية.
عمل معلمًا في مدرسة القديس يوحنا للرهبان الشويريين (1955 - 1957)، ومدرسًا للأدب العربي والفلسفة بالعربية والفرنسية في الكلية الشرقية (1957 - 1988)، وفي معهد يسوع الملك (1962 - 1990)، وفي معهد القلبين الأقدسين، ومدرسة ماريوسف للراهبات الأنطونيات، ومدرسة راهبات العائلة المقدسة في رياق، وفي الجامعة اللبنانية (1977 - 1985).

الإنتاج الشعري:
- «هي والآخرون» - مجموعة شعرية - منشورات زحلة الفتاة - لبنان - 1969 - «سنابل الشتاء»: مجموعة شعرية - مطبعة الحرية - زحلة - مجموعة: تأملات ليلة صيف - قصائد ساذجة: مجموعة شعرية - (نظمها بالفرنسية وترجمها إلى العربية صبحي حبشي)، بالإضافة إلى مسرحيتين شعريتين هما: «بابل» و«تموز».

الأعمال الأخرى:
- «عندما تتكلم الرخامة» - خواطر فنية - «وفهمكم كفاية» - مؤلف نثري، كما ترجم مسرحيتين لموليير: «صار من الذوات» - «مريض الوهم».
التزم قصيدة التفعيلة إطارًا فنيًا، فنظم فيما فرضته لحظتها التاريخية موسعًا المجال لخياله ليستوعب الكثير من القضايا الإنسانية مما عمل على توسيع مساحات التأمل ومحاولة استبصار مكنونات الكون، اتسمت قصائده بالطول والاهتمام بالتكرار، وخاصة تكرار مفردة من سطر شعري إلى آخر، محدثًا موسيقا ظاهرة لا تخفى على
المتلقي، ورابطًا بين أسطر قصيدته برباط يساعد على الحبكة والتوحد. تتوازى في قصيدته أشكال الحوار الخارجي والداخلي، مع ميل إلى الرمز القريب، واعتماد السياق
على السرد الذي يدعمه تقديم القصيدة بضمير المتكلم.

من قصيدة: حبيبتي

مررتُ قرب بيتها الحبيبه
أنا الغريبُ الكالحُ المسافرْ
عبر غروب طيفها أسافر
يقودني طيف إلى الحبيبه
حبيبتي الصغيره
خذني إليها، يا سرابْ
يكفي من الحبيبة السراب
حبيبتي الصّغيرهْ
كيف، يا طيفَها، وصَلْتْ؟
ألمْ تلوثْ بياضَكْ
عيونُ هذا الناسْ
والصدأ النازف من عيون هذا الناسْ؟
كيف يا طيفَها، وصلت؟
ألم تلوث ثوبك الشوارعْ؟
والبرَص المركوم في الشوارع؟
ألم تلوثْ بياضك
عيون بوم النوافذْ
والحدق المنهومهْ
الحدق الموبوءةُ المسمومهْ
تُطِل كالثعبان خلف عتمة النوافذْ
والناس في الثيابْ
مثل قبور تلبس الثياب
والبَثْر في أكبادهم ويقنعونْ
والقرح والصّديد في عروقهم ويقنعونْ،
والدَّرنُ الفائر في جلودهم ويقنعونْ
والجثثُ الزَّرقاءُ في جلودهم ويَقنعونْ
ما هَمَّ فالثياب مخملّيهْ
ما همّت القروح والصديد والدرَنْ
والجثث الزرقاء والكفنْ
ما همّ والطاعون ينهش البدن؟
ما همّ فالثياب مخمليهْ
ما همّ - أن كحّلت العيونْ
ما همّ أن تطلّ من مقلها الثعالبْ؟
ما همّ أن تعوي في المحاجر الثعالبْ؟
ما همّ أن يغلي في جفونها مثلُ شبا العقارب؟
ما همّ - إن كُحِّلتِ العيونْ -
ما همّ أن يكونَ
في كلّ عين نابْ؟
ما همّ أن يكون خلف كلّ جفن مخلبُ العقابْ؟
ما همّ قد كحّلتِ العيونْ
أخشى على الحبيبة
من مُقل الثعالِبْ
ومن عيون الناس تغلي كشبا العقارب
أخشى على الحبيبة
من مخلب العقاربْ
ومن خداع الكُحل والحرير والأنيابْ
أخشى على الحبيبة

من قصيدة: القصيدة

حبيبتي قصيده
كتبتها أنا
كتبتها القصيده
رويُّها خَصْرٌ، فَضَمْ
وإذ أقول «قُبلة» يُضْحي الرويّ فمْ
«عينان»، «عنقٌ»، «معصم»، «تريبهْ»
كلْمةٌ أكتبها وتولد الحبيبه
إن قلتُ «شالٌ» «عُقدة الخَصر»، و«القميصُ»
«المئزرُ»، «الضفيرهْ»
تَشُوقُني الصغيرهْ
من كلْمةٍ أُبدعها الوليدهْ
في كلمةٍ أعانق الوليدهْ
إن رَقَمَتْ لفظًا يدي كنتُ أنا شهيدهْ
شهيدَ ما أخطّ في قصيدهْ
أكتبها، تكتبني القصيدهْ
راحت يدي تستنطق القوافي
فتستميت عصفًا القوافي
يَثِبْن عبر خاطري كالسيل يلتطمْ
تزحف صَوْبي مثلما الليل وتزدحمْ
تشتاق كلّ لفظة تضمها المعاجمْ
لو أنّها تُزْرع في الكَلِمْ
تقول لي «أموت في المعاجمْ»
«خذني وليكتبنيَ القلم»َ
خذني أكن كلمة في وصف فَمْ
أكن ربابًا عازفًا لنقلةِ القدمْ
«أكن سهاد مقلةٍ تسهدْ»
«أكن لَـمًى ، أكن صدى لقبلةٍ وأسعدْ»
«قلني أكن أسوارة في معصم وأخلد»
«عقدًا أكُنْ، كحلاً أكن، ماسًا أكن عسجدْ»
أقتات من فتاتها
«أقتات من رجْعِ شذا ذات الوشاح الأسودْ»

من قصيدة: صفصافة ناسكة

صفصافةٌ ناسكةٌ صفصافة على الطّريقْ
مفردة كالطيفْ
كالزَّول في ليل صيفْ
صفصافة كانت على الطريق
تنهشها العيونْ
تنهشها كالسوسة العيونْ
عيون هذا الناس
تفيّأوا بفيئها وقالوا
«النار أكثر فيئًا
و«غصننا العريان أكثر فيئًا
«وشوكنا العُرْيان»
وذهبوا
إلى لظاهم ذهبوا
يستظلّون باللظى بشوكهم والغُصُنِ العُريان
«لمن أذر الفيَء؟ قالت؟
«للرّمل؟ للحجرْ؟
«للدود؟ للعقرب؟ للمدَرْ؟
«لمن أذرَّ الفيء»
«أذرّه للدودة الحقيره»
«للوحش ، للعقرب، للمدر»