زيـــارة أخــيرة لقــبـــو العائــــلة |
أعرف الآن أن الزمان انتهى للبلادة; |
والشجرَ المتفَيّأَ للظلِّ.., |
إذ تُوغل الفأس في روحه..; ينتهي للحرائق.., |
أو ينتهي للبيوت رفوفاً.. موائدَ..; |
...( ..ليس أراجيح للطفل في الزمنِ المعدني....) |
وأذكرُ آخر نايٍ سمعت...; وكان بقريتنا في مساءٍ بعيدٍ... |
بعيدٍ...., |
.. (.. وكانتْ على حالها...; |
لم يمرَّ قطارُ الضجيج على روحها بعد..; |
لمْ تكُ أكبادها النازحاتُ إلى مدن الأرض طارت... |
ولا النازفات دم العمر.. عادت..).. |
وكان شجياً.. حزينا |
آهِ ... كيف تسلَّل مُرتحلاً في الدماء.. |
ومرتدياً جسدي; وافترس اللحم طينا..!! |
كان يورق في القلب |
يمتد في غسق الأمسيات, ويبقى دفينا |
كيف, والذكريات تشيخ استكن إلى الروح منزويا |
حيث ظل جنينا?! |
|
... ظلُّنا هذه الأرضُ..; يتبعنا..; |
ظلُّنا الأرضُ.. تأخذ شكل الرصاصة حينا.. |
لتخترق القلب.. فينا |
هل لنا أن نفرَّ قليلاً...; |
ونأوي إلى جبلٍ لايطاوله الماءُ..; نذعن للذكريات.. |
نهذِّب أمنية الروح شيئاً.. فشيئاً...; وندخُلُها آمنينا.. |
إنه الحلم إذ يتشكَّلُ فينا.. ويعصي على الموت...; |
يلبس من زبد الوهم بعض شفوف الغلائل...; |
لكنه يتحدى اليقينا.. |
هو العمرُ... |
أعرف كيف ارتمى سرْب أيامه في الشراك...; |
وها هي بعض الظباء يراودها الماءُ..; تهفو حنيناً.. |
وأنجو بها.. |
رُبما النبعُ كان كمينا..!! |
|
أيها الشبحُ المستحيل... |
قال لي حارس الليل: إنك كنت هنا..; |
وارتقبتُ ثلاث ليالٍ حُسوما..; |
وأومأتَ لي.. فتبعتُك مستَلَبا مستكينا.. |
وها أنت تهبط بي درج الروح..; |
ياسيدي, نحو مملكةٍ منْ غبار الصهيلِ |
وتعرج بي لمقام الغواية, |
تفرط بين يديَّ من الإرث لغواً مهينا: |
[.. ذُبالةَ مجٍد أثيلْ |
صورة في إطار قديم لجدٍّ تمدد شاربهُ .. كالفتيلْ |
خنجرا صدئاً.. وجرابا لسيفٍ كوشمٍ; |
على حائطٍ وسمتهُ الشروخُ...; |
بدا لوحة تتقاطع فيها الخطوط.. |
عباءة شيخ, مرقّعة, تتهدَّلُ منها الخيوطُ.. |
قناديلَ زيت; وتحميلةً للتواشيح في مقطعٍ منْ عويلٍ |
ومسبحة لأبي; |
حيث كانت أصابعه حول حباتها تستدرُّ السماءَ; |
وحقّا من العاج فيه بقايا السَّعُوطْ |
قناعاً لأمي; وقدْ وفد الضيف...; |
ثَمَّ أرائك ساخت قوائمها.. ورفات لعزٍّ قديم;; |
بقية عشب طفت في رغاء السُّيُولْ...] |
آه..,ياذلك الشبحُ المستحيلْ |
أنت توجتني بالسَّراب النبيل.. سنينا.. |
وفي وحشة القبو.. خلَّفتني.. |
أعاني رطوبة هذا الفراغ المسمّر.. |
وحدي ..., سجينا...!! |