سمير اللّبدي
  • الدكتور محمد سمير نجيب اللّبدي (الأردن).
  • ولد عام 1936 في مدينة طولكرم.
  • حصل على الماجستير 1967 والدكتوراه 1973 في اللغويات من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر.
  • عمل أستاذا للنحو والبلاغة والعروض في معهد الأحساء الديني 57-1965 , ومدرساً للعلوم الدينية والعربية في مدارس الكويت المتوسطة والثانوية 65-1971, وموجهاً تربوياً في دولة الكويت 71-1990 , كما عمل مدرساً منتدباً في كلية الآداب جامعة الكويت, ثم أستاذا للغة العربية في جامعة الإسراء بالأردن.
  • دواوينه الشعرية: كلمات بعد منتصف الليل 1998.
  • أعماله الإبداعية الأخرى : مذكرات قطة (قصص) 1983.
  • مؤلفاته : أثر القرآن والقراءات في النحو العربي ـ معجم المصطلحات النحوية والصرفية ـ معاني الأسماء.
  • عنوانه : جامعة الإسراء ـ كلية الآداب ـ قسم اللغة العربية ـ عمان ـ الأردن - ص.ب 850066 - الرمز البريدي 11185.


من قصيدة: حــلم العـــودة

بدمعتي وآهتي

ودَّعت قريتي الصغيره

مُخلِّفاً في أرضها رؤى كثيره

فقريتي مطارح الصبا, ومحضن الشباب والمنى

وملعب لنشوتي, ومدرج لصبوتي.

نهارها كدرَّة يتيمةٍ, وفي ظلامها كنجمة وحيده

وقريتي في كل ما لها, وفي جميع ما حوته أرضها

فريدة فريده.

تقوم فوق ربوة, تطل من عليائها

على السواحل القصيِّه

فتيَّة القوام غانية

كأنها صبيةٌ ..

بدمعتي وآهتي.

بدمعتي وآهتي

غادرتها بمركب ضلت به الطريق, دون أن يُفيق

وأودعته مهجرا, بنيت فيه كوخي الصغير

فوق تلة هناك.

وحزت أرضاً حوله

لأرمي البذور حولها, لعلها

تفي بحاجتي وحاج طفلتي

بدمعتي وآهتي.

بدمعتي وآهتي

قابلت جَحْدَ حفنة من الخليقه

ببسمة رضيَّة رقيقه

مرتفعا عن كل ما يهينني

حتى أُرى في غير ما تُرى الحقيقه

لكن حالتي وقد بدت بليغة

أفضَت بما تعنيه دمعتي ونظرتي, وكل ما وراء سكتتي

وكانت الفضيحه

البؤس قد طغى عليّ

والجوع قد نما إليّ

كل الذي أخفتْه أو تخفيه عبقرية الحقيقه

بدمعتي وآهتي.

بدمعتي وآهتي

أشيّع النهار والضياء

وأرتجي (ليالياً) بلا عنا,

لكنه مجرد الرجاء

فالليل ممتد بلا انتهاء

وترتمي الهموم في مطارح الذكر,

وتبدأ الذكرى تمزق الألم, لكنها سرعان

ما تخبو ويرجع الضَّرمَ, وكل ما ألمَّ

بدمعتي وآهتي.

بدمعتي وآهتي

كافحت نار غربتي وشوق عودتي

وكم بدفعة الخيال.

تسوَّرَت عيناي كل هذه الحدود,

وجزت كل ما وراء هذه الحدود.

فـي التــيــــــه لــوحــــــــة ضــــــيـاع

في وحدة خرساء تنطق بالوجومْ

ما بين ليل قد تقنَّع بالسواد

وسكون رمل صامت مثل القبور

قد رحت أمشي في المتاه

متهالكَ الخطوات معدوم الحياه

وعلى الرمال تركت آثار المسير

تحكي ضياعي طيَّ تيهٍ ماله أبدا حدود

وعلى جفوني الراعشات أسيً عميق

ودموعي الحيرى تسيل على الخدود

تمضي بحيرتها إلى صدري الخَفوق

كيما يرتل آي بؤسي للوجود

وهناك في ذا التيه في عرض الرمال

أخذت وحوش البيد تبعث بالزئير

وصفير أرياح ينغمه الشتاء

وصرير برد زمهرير

وتجيش في نفسي أحاسيس الفناء

وتذوب روحي معْ شعور لا يغيب

وظللت أمشي كالحُطام

بخطا يسعِّرها بأحشاء الظلام

صوتٌ تناثر من بعيد

صوت العذاب مجلجلا عبر الفضاء

يدوي بأذني كالرعود

وأنين أشلاء تبعثرها الرياح

ما فوق صفحات الأديم

راحت تصب بأضلعي نغم النّواح

فنظرت فوقي حيث تبصرني السماء

كيما أرى ربي تجلى للعباد

فإذا بها ربداء ملأى بالغيوم

قد لبدت آفاقها بأسى رجيم

فنظرت تحتي للرمال

كيما أرى رمس الخلاص

فإذا بها غضبى تذرِّي بالغبار

من وحي زوبعة تزمجر كالسياط

فكررت والإعصار يهدر كالمحيط

متناوح الأصداء مبحوح النحيب

يهوي بكفيه على جسمي النحيل

فيحيلني كرة تدحرج فوق صفحات الرمال

جوع يقطع أضلعي وأسى مريع

فظللت في ذا التيه مع هذا الظلام

تجتاحني ريح وتلفظني رياح

فتلفتت عيناي في الأفق الوسيع

فإذا بهذا الرمل يطويه الهمود

ويُخيِّم الصمت العميق على مدى العين الكئيب

وبدأت أمشي من جديد.

وبنفسيَ الثكلى أمانٍ للوصول

لكنما طال المسير

وتشعبت للعين أهوال السبيل

في وحشة عمياء قد دَفَنَتْ بها قلبي الكبير



سمير اللّبدي      
الدكتور محمد سمير نجيب اللّبدي سمير اللّبدي الأردن 1936 لمات بعد منتصف الليل 1998. ذكر من قصيدة: حلم العودة , في التيه لوحة ضياع ,