من قصيدة: ترانيم لعمر بن الخطاب.. |
هذا عمُر بن الخطاب العدويّ |
رجل كبقية خلْق الله |
يعرف كيف يُزيح بكف القوة |
أسترة الليل المنسدله |
يعرفه القاصي والداني |
رجل حملته ككل رجال الأرض امرأة |
ولدته بيوم كبقية أيام العام |
فرحوا حين أتى |
وتجاوز .. ,وهو الطفل .. صحارى القهر المنتقله |
عرفته شعاب الصحراء |
قوافل عبر الأزمنة المأسورة مرتحله |
عرفته النخلة والسيف |
وشمس الأيام المشتعله |
والناقة مدت للعلياء الرقبه |
كي تظفر منه بنظره.. |
|
هذا عمر بن الخطاب العدويّ |
لم يجلد أحداً ظلماً |
واحتدَّ كثيراً حين رأى الظلم |
يمُد الأجنحة السوداء |
ويحفر قبراً للمظلوم |
كان قويّاً .. وقويّاً جداً.. |
الدمع قوي في عينيه |
والسيفُ قوي في كفيه |
حتى الضعف المثقل بالموروثات قوي |
كان قويّاً .. وقويّاً جداً.. |
أقوى من ذئب الصحراء حين يجوع |
أقوى من زنبقة الصبح |
وقد نهضت تغسل كفيها |
أقوى حتى من نفسه.. |
|
هذا عمر بن الخطاب العدوي.. |
دفن الأمسَ ولم يبْكِ على موتاه |
لم يحزن |
رغم سقوط القمم المزروعة في جوّاه.. |
وأقام الحفلَ على جثة أصنام |
لم تصمُد في غضبة رؤياه |
حين هوت أوهام الأمس الغابر |
لم يتردد |
لم يحمل في ظل الورد السيفَ |
ولم يصطد في الماء المتعكر |
لم يخدع |
رجل يعرف كيف يزيح السِّتْر الأسود |
كيف يقاوم قسوة أحجار الماضي |
كيف يدوس العمر .. ويمشي .. |
هذا عمر بن الخطاب العدوي |
يتنافس كل الناس لأجل رضاه |
إلا هو |
يبحث عن ذاتٍ تاهت |
في ترنيمات صلاه |
يسأل يوماً عن ذاته |
عن شعرات كالزنبق |
في ليل كالهمِّ كساه |
وتعوّد أن يصدق في كل الأوقات |
حتى مع شبح كان يطل عليه |
من أعماق رُؤاه.. |
فالصدق طريق يمتد مداه |
|
هذا عمر بن الخطاب العدويّ |
حين انهارت في لحظة صدق عذريه |
أوهامُ الماضي والحاضر |
والأشياء المنسيه |
ركب ابن الخطاب ذَلُولا |
كي يبحث عن وهم آخر |
في أزمنة القهر المرئيه |
بين رمال الوهم العربيه |
يسأل عنه النخلَ وأنسام الليل |
وسيف الصعلوك المتشرد |
وخيوط الشمس الذهبيه |
|
حدثنا الزيتون بأرض القدس |
عن زهر الليمون بأرض أريحا |
عن غصن اللوز المثقل في سفح الكَرْمل |
عن ورق العنب بقرب الحرم الصامت قهراً.. |
عن زنبقة عذراء تغني .. قالت: |
هذا عمر بن الخطاب القادم في رحلة وعي |
بريّه |
كل الناس تحبه.. |
وجميع الأطفال تحبه |
وجميع الأزمان تريده |
وجميع الأنجم في أفق الثورات تحبه |
وسمعت بأن فتاة ولدت في عام النكبة |
قالت في يوم الجمعة بعد العيد: |
هذا عمر بن الخطاب أحبه |
وكذلك أمي يا قومُ تحبه |
وجميع الشعراء المقهورين |
وكل المعتقلين بكل سجون الأرض |
وكل الناس.. |
فالثائر في كل الأفئدة الخضراء يعيش |
|
وتوارث عمر بن الخطاب الحزن |
اقتسم المجدَ وخيطَ القوة |
سكر بخمر الوهم |
أفاق على صوت الفقر |
يهز الصحراء العربيه.. |
عمر بن الخطاب العدويّ حزين.. |
يسبل أجفان الفكره |
ويفكر حيناً بالثوره |
ويحاول أن يبسط فوق العشب الأصفر ذاته |
يلقاه هُبل |
تلقاه (اللات) تعانقه (العُزى) و(مناة) |
وأبو الحكم بن هشام رآه |
تبسم .. نادى |
- يا عدويّ |
تقدم نحو الأوهام الموروثه |
وبقايا الجبهات المحروثه |
ورموز الثروه |
واسْجد .. اسجد.. |
لم يسجد عمر بن الخطاب |
وبلحظة حقد محسوبه. |
اندلعت فيه الأحزان |
وفاضت من كهف القهر القوه |