مريدالبرغوثي
  • نواف عبدالرازق البرغوثي (فلسطين).
  • ولد عام 1944 في دير غسانة.
  • أنهى تعليمه المدرسي في مدينة رام الله, والجامعي في جامعة القاهرة بحصوله على ليسانس في اللغة الإنجليزية وآدابها 1967.
  • عمل بالتدريس, والإعلام, والمنظمات الدولية, ثم مديرا للمركز العلمي للتراث والفنون.
  • دواوينه الشعرية: الطوفان وإعادة التكوين 1972 - فلسطيني في الشمس 1974 - نشيد للفقر المسلح 1976 - الأرض تنشر أسرارها 1978 - قصائد الرصيف 1980 - طال الشتات 1987 - عندما نلتقي 1992 - رنة الإبرة 1993 - القصائد المختارة 1994.
  • عنوانه: ص.ب 960426 - عمّـان - الأردن.


غـــمـــــــــــــزة

غمزة من عينها في العُرس

وانجنَّ الولد!

وكأن الأهلَ والليلَ وأكتافَ الشبابِ

المستعيذين من الأحزان بالدبكةِ

والعمَّات والخالات والمختار

صاروا لا أحدْ!

وحدهُ اللوِّيحُ, في منديله يرتجُّ كل الليل

والبنت التي خصَّتْهُ بالضوء المصفَّى

أصبحت كل البلدْ..

مدّ يمناه على آخرها

نفض المنديل مثنَى وثلاثَا

ركَّب الجن على أكتافه ثم رماهم, وانحنى

ركَّبَ الجنَّ على رُكبته ثم رماهم, واعتدل

قَدَمٌ ثبَّتَها في الأرض لمحاً

ورمى الأخرى إلى الأعلى كشاكوش

وأرساها وتدْ.

كلما أوشك أن يهوي على سحجة كف

جاءه من سحبة الناي سندْ.

يلقف العتمة كالشهوة من أعلى بروج الليل

حتى ضوء عينيها تماماً

يعرق الصدر وشعر الصدر

من ميلاته يُمنَى ويُسرَى

ثم يسري عرقُ الظهر عموديّاً تماماً

وحياء القلب خلَّى كل ما في القلب يخفَى

والقميصُ الأبيضُ المبتلُّ

من أكتافه حتى حِزام الجلدِ

خلَّى فقرات الظهر تُحصى بالعددْ.

غمزة أخرى ولو متُّ هنا

غمزة أخرى, ولو طال انتظاري

للأبدْ!

فـــي الأربعــــــــــين

وها نحن في الأربعين, معاً

غير أني أسيرُ إليكِ, بعيدَيْنِ

لكنْ خطاكِ تحاذي خطايْ.

وهذا الرمادُ الذي يعتلي مفرقينا

كذبنا عليه مراراً, ويكذبُ دوماً علينا

كأنَّ الزمان رياحٌ على جمرتينا

حديثك شمس الشتاء وصمتك ليلٌ ونايْ.

وعيناك مسألةٌ في الحساب

تحيَّرَ فيها سوايْ.

وما زلتُ لا أشتهي أن أكون أقل ارتباكاً

إذا صافحتني يدك

أو أقلَّ فجوراً إذا عانقتك يدايْ.

من قصيدة: رنـــــــــة الإبـــــــــرة

تطريز ثوبك صامتٌ... ويقولُ

الأخضرُ المبحوح نايٌ ناعمٌ

مسَّته كفُّ الريح والراعي

وأزرقُهُ دفوفٌ حولها شُعَلٌ

وأحمرُهُ طبولُ

ومنمنماتُ رسومِه همسٌ وإصغاءٌ

وغامقُها به نعسٌ

وفاتحها له نَفَسٌ

وفاجرها خجولُ

والخط يصعد, مستقيماً, من وقار الذيل

حتى الخصر

يلمسُ قوسهُ, ويميلُ

وعلى اتساع الصدر

تصخب حفلة الأشكال,

زهزهةُ الجنائن,

مندرينٌ هائجٌ

ذهب ورمان يرنُّ, وأشهبٌ يرنو

وكحليٌّ كوخز الجرح,

عشبيُّ كلذعة غصن نعناع بكوب الشاي

والأكمام في وهج تجمَّعَ فوقه وهج

وأسرار موزعة على كفيكِ

خافية وبادية

ومن زمن إلى زمن

تزوغ من الزوال ولا تزولُ

وسواد ثوبك إن حكى أوجاعه

أبكى العرائس والشيوخَ

وذلك الغيم الذي يمشي جوار الله

حسب هواه

حتى لا يطيق الإكتناز بمائه, فيسيلُ

هذا حدادك منذُ كنت

فأي ذاكرة تسير على التراث إذا مشيتِ

وأي هولٍ إن عتبت على زمانك

يا كريمةُ, وهو مقلالٌ بخيلُ

من عهد كنعان البعيد

ومن حكايات الخرافة

وهي تلمع كالذخيرة تحت توراة الحديد

ومن خبيئات الموانئ في سواد البحر

والحراس نصفٌ في سُبات دائم

والنصف حُولُ

لم يبصروا الأولاد مصرورين

في صوف البطاطين القديمةِ

والبغال تكاد تدمع وهي تحملهم وراء النهر

والأقفاص تأخذهم بعيداً فوق موج البحر

وانفرط المكان على الأماكن فجأة

لتضيع زينتنا على الطرقات

حتى ظننا الرائي قباحاً في الخيام

ولم نكن,

بل إنه المنفى قبيحٌ, والرحيلُ

التينُ والزيتونُ والبلدُ الأمينُ

وشالُ رأسك, كُحلُ عينيك الإلهيُّ

القلاعُ الغامقاتُ



مريدالبرغوثي       
نواف عبدالرازق البرغوثي مريدالبرغوثي فلسطين 1944 لطوفان وإعادة التكوين 1972 , فلسطيني في الشمس 1974 , نشيد للفقر المسلح 1976 , الأرض تنشر أسرارها 1978 , قصائد الرصيف 1980 , طال الشتات 1987 , عندما نلتقي 1992 , رنة الإبرة 1993 , القصائد المختارة 1994. ذكر غمزة , في الأربعين , من قصيدة: رنة الإبرة ,